الاضطرابات النفسية باتت عرضًا شائعًا ومتلازمة لصيقة الصلة بالعصر الحديث، نظرًا لتسارع وتيرة الحياة، وزيادة الضغوط والأعباء الاجتماعية والاقتصادية على السواد الأعظم من البشر، ما دعا المُختصين لدراسة كيفية تأهيل من سحقتهم دوامة الحياة، وإعادة دمجهم مرة أخرى في المجتمع، ولكن ماذا عن الأطفال وهل يُعانون من ذات المشاكل التي يُعاني منها البالغين؟.
وخلال حلوله ضيفًا على برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور محمد فؤاد أخصائي نفس الأطفال، عن الاضطرابات النفسية والسلوكية التي قد يُعاني منها الأطفال، والتقنيات التي تستند إليها عمليات إعادة التأهيل والعلاج، في سبيل الوصول لأفضل النتائج.
الاضطرابات النفسية ومُسبباتها
في البداية تحدث الدكتور محمد فؤاد عن مُسببات الاضطرابات النفسية لدى الأطفال، موضحًا أن الصغار مجرد مرآة عاكسة لانفعالات البالغين، والوسط الأسري والبيئة الاجتماعية المُحيطة بهم، ما يفسر أي تغيرات تطرأ على سلوكياتهم، خلال المراحل السنية الأولى.
ونبه الدكتور محمد فؤاد أن عدم المُتابعة والاهتمام بملف الانحرافات والاضطرابات السلوكية التي يمكن رصدها لدى الأطفال، يؤدي لتفاقم المُشكلة وصعوبة علاجها، موضحًا أن الذي يتحمل هذه الفاتورة الثقيلة في النهاية هم الوالدين.
الاضطرابات النفسية والاستبصار
انتقل الدكتور محمد فؤاد إلى نقطة أخرى، في إطار سعيه لتبسيط معنى الاضطرابات النفسية، لافتًا إلى وجود علاقة تناسب طردية بين هذا العرض المرضي وبين الاستبصار، موضحًا أن المصطلح الأخير يتوقف على كون الطفل مُدركًا لوجود تغييرات واضحة، طرأت على شخصيته واتزانه النفسي والسلوكي، وهي النقطة التي يتم الاحتكام إليها من قِبل المُختصين، للتفريق بين الاضطرابات والأمراض النفسية والمرض العقلي، والتي يتوقف عليها اختيار طريقة العلاج الصحيحة.
الاضطرابات النفسية والمرض العقلي.. أبرز الفوارق والاختلافات
لفت الدكتور محمد فؤاد إلى وجود فوارق كبيرة وواضحة بين مرور الشخص بحالة من الاضطرابات النفسية، وكونه يُعاني من مرض عقلي، موضحًا أن الحالة الأولى يكون الشخص فيها مُدركًا وواعيًا ومُستبصرًا بالحالة التي يمر بها، والتي تتسبب في وجود بعض التغيرات الطارئة على سلوكياته وأفعاله.
وأكد أن الشخص المُصاب بالمرض العقلي يفقد بوصلته بالكلية، ولا يكون مُدركًا لحالته بشكل يجعله مُنفصلًا عن الواقع، ويعيش في مدار مُختلف عن المُحيطين به، فيتخيل أشياء لا توجد في الحقيقة، ولا يراها المُحيطين به.
موضوعات قد تهمك:
المخلفات النباتية وتقنية “الكبسلة”.. ما لا تعرفه عن صناعة “منتجات الألبان”
كيف تكتشف إصابة طفلك بأعراض الاضطرابات النفسية؟
قدم الدكتور محمد فؤاد مثالًا شارحًا، كمثال لبعض أعراض الاضطرابات النفسية، كمرور الأسرة بظرف طارئ مثل وفاة أحد الوالدين، فإذا كان الطفل غير واعيًا لطبيعة الحدث الجلل، الذي عصف باستقرار مُحيطه، وأطاح بأقرب المُقربين منه، ففي هذه الحالة يتوجب على ولي الأمر استشارة الأخصائي النفسي.
الشدة والتكرار
وتابع الدكتور محمد فؤاد شرحه للتعريف بأبرز السلوكيات الدالة التي يمكن تشخصيها على أنها نوعًا من الاضطرابات النفسية، موضحًا أن هذا التوصيف يعتمد على شقين رئيسيين لا انفصال بينهما هما الشدة والتكرار، موضحًا أن ملازمة وتكرار الطفل لنفس السلوكيات القلقة، في كافة الأماكن التي يحل بها، بنفس القدر والشدة، وبشكل يمكن ملاحظته بسهوله من جميع المُحيطين به، يدق ناقوس الخطر ويستدعي زيارة المُختصين.
وأكد أن هناك فارقًا كبيرًا بين أن تكون هذه الحالة سمة غالبة على كافة تصرفات الطفل، وكونها عرضًا وقتيًا يزول بزوال مُسبباته، مثل قلق الامتحانات الذي ينتهي بحلول العطلة الدراسية.
إقرأ أيضًا:
صناعة الألبان وعلاقتها بالنباتات الطبية وحقيقة التوجيهات الرئاسية في هذا الشأن
متى يكون القلق “صحيًا”؟
واصل الدكتور محمد فؤاد عقد المقارنات التي تُبين كيفية التشخيص الصحيح للحالة التي يمر بها الطفل، موضحًا وجود بعض الفوارق التي يمكن لأولياء الأمور الاستناد إليها، لكشف ما يمر به فلذات أكبادهم من أزمات.
وكشف أن أبرز هذه الفوارق بالاستناد للمثال السابق الخاص بالامتحانات، هو وعي الطفل بأهمية الاختبار الذي يخضع له، ما يمثله بالنسبه لمستقبله التعليمي وتقييمه لذاته، موضحًا أن مرحلة الامتحانات تُعد نقطة فاصلة في حياة كل تلميذ، ما يجعل القلق منها – في الحدود المسموحة – عرضًا صحيًا مقبولًا، لافتًا إلى أن عدم اهتمام الطفل بتلك الفترة هو الذي يستدعي زيارة واستشارة المُختصين.
لا يفوتك.. أهم الشروط الصحيحة لتربية السمان