الإبل.. سفينة الصحراء ورمز الصبر والتحمل والجَلَد، وأحد الفصائل المُتاحة، والمُرشحة لسد الغذائية الفجوة الخاصة باللحوم الحمراء، نظرًا لمزاياها الصحية والاقتصادية، التي تفرض ضرورة الاعتماد عليها، في مشروعات الإنتاج الحيواني، الموجهة للسوق المحلي وجمهور المستهلكين.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي عاصم الشندويلي، مُقدم برنامج “نهار جديد”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور علاء الدين بدوي – أستاذ تغذية الحيوان المتفرغ بالمركز القومي للبحوث قسم الإنتاج الحيواني – ملف مشروعات تربية الإبل، ودورها في سد الفجوة الغذائية، وتوفير مصادر البروتين الحيواني للمستهلك، في ظل ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء، والتغيرات المناخية العالمية.
الإبل.. معجزة ربانية للاستدلال على بديع خلقه
في البداية تحدث الدكتور علاء الدين بدوي عن مزايا الجمال، مستشهدًا ببضع آيات تحدثت عنها في سورة الغاشية، للتدليل على عظيم خلق الله، والتي تتجلى في خصوصية التركيبته الداخلية لهذا الحيوان، والتي تمكنه من التغلب على الظروف المناخية والبيئية القاسية.
وعبر “بدوي” عن انزعاجه الشديد من عدم توجيه الاهتمام البحثي الكامل، تجاه تلك المخلوقات التي اختصها الله بمزيج مُدهش من الإمكانات، بشكل يُميزها عما سواها، من باقي الفصائل الحيوانية الرعوية.
وألقى أستاذ تغذية الحيوان المُتفرغ نظرة سريعة على الإبل، موضحًا ان هذا المصطلح جامع وشامل، ويعبر عن ذكور هذه الفصيلة التي يُطلق عليها الجِمال، وإناثها المعروفة باسم “النوق”.
خصائص فسيولوجية مذهلة
عدد مزايا هذه الكائنات التي تتحمل كافة الظروف البيئية القاسية، والمتمثلة في الارتفاع الشديد بدرجات الحرارة، أو البرد القارص الذي يجتاح المناطق الصحراوية ليلًا، بالإضافة إلى ندرة الموارد الغذائية والمياه، علاوة على قدراتها الإعجازية في تحويل النباتات العشبية الفقيرة إلى لحم عالي الجودة.
وشرح “بدوي” خصائص أجسام الإبل الفسيولوجية التي تتيح لها القدرة على التحكم في حرارة جسدها بمتوسط 7 درجات، صعودًا لحدود الـ41 درجة مئوية، وهبوطًا بها إلى 34 درجة، وهي الفصيلة الوحيدة من ذوات الدم الحار التي يمكنها القيام بهذا الأمر.
ولفت إلى أن هذه الخصائص تُمكن الإبل من الحفاظ على تواجد المياه داخل أجسامها، مع تقليل معدلات الفقد التي تحدث أثناء ذروة ارتفاع الحرارة وبخاصة خلال فصل الصيف.
تعداد الإبل
كشف الدكتور علاء الدين بدوي، عن تدني أرقام تعدادها على مستوى العالم، مُشيرًا إلى أنها لا تتجاوز حدود الـ24.5 مليون رأس، وفقًا لأخر الإحصاءات المُعلنة بهذا الشأن، والتي تستحوذ السودان والصومال وموريتانيا على 80% منها.
أنواع الإبل وأماكن تواجدها
أكد “بدوي” أن فصيلة الإبل تنقسم إلى نوعين رئيسيين هما:
1. ذات السنام الواحد، ويذيع انتشارها داخل دول القارة الإفريقية والمناطق الحارة عادةً
2. ذات السنامين، والتي تُعد الأكثر تواجدًا بقارة آسيا ومنغوليا والمناطق الباردة
أبرز التحديات التي تواجه صناعة وتربية الإبل
كشف الدكتور علاء الدين بدوي عن قصور وضعف الدراسات التي تتناول فصيلة الإبل وأهم خصائصها، واصفًا إياها بأنها مُجرد اجتهادات فردية، محصورة في الجهات البحثية المُتخصصة في هذا الشأن على مستوى العالم، مؤكدًا أن الدول الثلاث التي تستحوذ على أغلب إنتاج العالم، لم تتحرك تجاه تطوير مثل هذه الدراسات، بهدف تحسين السلالات أو رفع إنتاجيتها أو إمكانية تهجينها مع فصائل أخرى.
موضوعات قد تهمك:
تربية الإبل.. السن الأمثل للتزاوج والتلقيح وعلاقته بوزن الحيوان
لحم الإبل وذوق المستهلك المصري
انتقل الدكتور علاء الدين بدوي إلى نقطة أخرى، وهي الخاصة بمدى ملائمة لحوم الإبل لذوق المُستهلك المصري، مُشيرًا إلى أن السوق المحلي يستورد ما بين 250 إلى 270 ألف رأس سنويًا، لتغطية مُعدلات الاستهلاك التي تصل إلى 50 ألف طن، تمثل 10% من الإنتاج المحلي، فيما تنخفض هذه النسبة إلى 5% إذا ما قورنت بإجمالي حجم المتداول من لحوم الماشية والأغنام.
وعزا “بدوي” قلة معدلات الاستهلاك إلى صعوبة طهيها، نظرًا لسماكة الغشاء العضلي وخشونة أليافها، ما يجعل السواد الأعظم من الجمهور يتجه نحو فرمها، واستخدامها في إعداد وجبات بعينها مثل “كفتة الأرز”.
خصائص ومميزات الإبل
حصر الدكتور علاء الدين بدوي خصائص الإبل التي تميزها عما سواها من الحيوانات في النقاط التالية:
1. تحمل ارتفاع درجات الحرارة
2. تحمل البرد الشديد وانخفاض درجات الحرارة
3. تحمل الجوع
4. تحمل العطش لمدة أسبوع صيفًا، وتتضاعف هذه الفترة إلى 30 يومًا خلال فصل الشتاء
5. التغذي على النباتات العشبية والأشواك
6. ارتفاع معدل تحويلها للحم عما سواها من أنواع أخرى
7. تحمل ملوحة المياه
8. تغيير درجة حرارة جسده للتكيف مع جميع الظروف البيئية
إقرأ أيضًا:
جرب وقرادة الإبل.. طُرق العلاج والتطهير الصحيحة للتخلص الآمن منهما
تغذية الإبل.. حجم العليقة وفوارق تحويل اللحم بين الجِمال والماشية
الظروف الرعوية وعلاقتها بمعدلات تحويل اللحم
سلط أستاذ تغذية الحيوان الضوء على العلاقة الوثيقة التي تربط ما بين الظروف الرعوية التي تعيش فيها ومعدلات تحويل اللحم التي يمكن الوصول إليها.
وأوضح أن معدلات التحويل في الظروف الصحراوية تتراوح ما بين 170 إلى 250 جرام يوميًا، وهي أرقام تقترب من تلك الموجودة في الخراف والماعز والحيوانات الصغيرة.
وأشار إلى أن هذه المُعدلات تحقق قفزة إنتاجية كبيرة، حال تغيير نظام الإيواء، والتحول إلى النُظم المزرعية المتبعة مع الماشية، حيث تتراوح معدلات تحويل الإبل من اللحم حينها ما بين 1 إلى 1.25 كجم، ما يدعم وجهة النظر الداعية إلى الاستفادة منها في سد الفجوة الغذائية الخاصة باللحوم الحمراء.
المزايا الاقتصادية للحم الإبل
أكد الدكتور علاء الدين بدوي أن مزاياها لا تتوقف عند حدود ارتفاع معدلات تحويل اللحم مُقارنة بباقي الأنواع المتاحة، حيث تكتفي باستهلاك ثُلثي العلف المُخصص للماشية والأبقار، وهي أرقام ذات دلالة اقتصادية كبيرة، توضح حجم المكاسب التي يُمكن جنيها من الاستثمار فيها.
وأوضح أن مُعدلات الزيادة اليومية للجمال تتراوح ما بين 850 جرام إلى 1.4 كجم يوميًا، بمتوسط عام 950 جرام، مُشيرًا إلى أن الإنتاج المتوقع منها خلال فترة التسمين التي تمتد إلى ستة أشهر تتراوح ما بين 180 إلى 200 كجم، ما يجعلها أحد الخيارات المتاحة بقوة أمام قطاع المربين والمستثمرين.
لا تفوتك مشاهدة هذا الفيديو: