الأراضي الملحية واحدة من أصعب البيئات التي يُمكن استصلاحها أو زراعتها، نظرًا لارتفاع مستوى السمية والأسموزية فيها، مُقارنة بالأراضي المُتعادلة أو ذات المستويات المسموحة، وهي واحدة من المُغامرات المحفوفة بالمخاطر، إذا لم يكن المُزارع على دراية تامة بسُبل التعامل معها، ما يستدعي تسليط المزيد من الضوء، والاستماع لرأي الخبراء والمُتخصصين بهذا الملف.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد عبد الدايم، مُقدم برنامج “صوت الفلاح”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور علاء طنطاوي – أستاذ الخضر والزراعات المحمية بالمركز القومي للبحوث – ملف الأراضي الملحية بالشرح والتحليل، مُسلطًا الضوء على أبرز الأخطاء الشائعة فيما يخص تقنيات الزراعة المُستخدمة.
تعريفات ومصطلحات هامة
في البداية قدم الدكتور علاء طنطاوي مجموعة من التعريفات لأشهر المُصطلحات الشائع استخدامها فيما يخص قياس مستوى الملوحة، لتبسيط المعلومة على عموم المُزارعين، وحصرها في ثلاثة تعبيرات بوصفها الأكثر شيوعًا، كالتالي:
1. AC – Electrical conductivity: ويقصد به التوصيل الكهربي
2. Millimoses / centimeter
3. decimens / centimeter
ووضع أستاذ الخضر والزراعات المحمية بالمركز القومي للبحوث القاعدة الأساسية لقياس مستويات الملوحة وهي:
1 AC = 1 Millimoses/centimeter = 1 decimens/meter
= 640 جزءًا على المليون
الأراضي الملحية.. 4 مشاكل أساسية للزراعة بـ”البذور”
عرض أستاذ الخضر والزراعات المحمية بالمركز القومي للبحوث أبرز المشاكل المُترتبة على زراعة الأراضي الملحية بطريقة البذور، ولخصها في النقاط التالية:
1. صعوبة امتصاص الاحتياجاتها المائية حال الزراعة في تربة ملحية أو الري بمياه مرتفعة الملوحة، نظرًا لخروجها من الوسط الأقل إلى الأعلى تركيز
2. التعرض لمشاكل الأسموزية
3. ارتفاع نسبة سمية عنصري الصوديوم والكلوريد بما يؤثر بدرجة كبيرة على الجنين الموجود في قلب البذرة، والحيلولة دون نجاح عملية تغذيها على endosperm”” الموجود بالبذرة
4. عرقلة عملية تحليل الغذاء المُخزن بـ” “endospermنتيجة عدم وجود الإنزيمات اللازمة لإتمام هذه العملية وفي مُقدمتها الكتاليز والبيروسكيدز
ونبه “طنطاوي” إلى وجود عدة إشكاليات أخرى، حال الوصول لمرحلة إنبات البذرة في الأراضي الملحية، موضحًا أن الشتلة التي سيتم إنباتها ستكون في أضعف صورها، لافتًا إلى تداعيات زيادة نسبة السُمية، والتي يترتب عليها موت البذور وعدم نجاح عملية الإنبات برمتها.
موضوعات قد تهمك
الفول البلدي.. السياسة الصنفية وأفضل التقاوي المُقاومة لـ”الهالوك” و”الأمراض الورقية”
الفول البلدي.. مواقيت الزراعة “قبلي وبحري” ومخاطر التبكير وأبرز 9 توصيات فنية
محصول البنجر.. 4 شروط لنجاح الزراعات المتأخرة بالأراضي مرتفعة الملوحة
الأراضي الملحية ومياه الري.. 5 أضرار على النمو الخضري أبرزها التقزم
عرض الدكتور علاء طنطاوي مجموعة من اللوحات التوضيحية، التي تشرح وتبرز الآثار السلبية الناجمة عن الزراعة بـ”الأراضي الملحية” أو التعرض لمستويات مُكثفة من الملوحة بمياه الري، والتي ترتفع فيها عناصر “الكالسيوم، البورون، الصوديوم، الماغنسيوم”، ما يؤدي لـ”تقزم النبات” وصغر حجم الأوراق وضعف عام في مستوى النمو الخضري، والذي ينعكس بالنهاية على حجم الإنتاجية المُتوقعة، مُقارنة بالنباتات المُنزرعة بالأراضي المُتعادلة.
وسلط الضوء على أبرز الأضرار الناجمة عن ارتفاع مستوى الملوحة في مياه الري، والذي يتمثل بداية في الحيلولة دون امتصاص النبات للمياه، كأحد أهم ركائز نجاح الزراعة وإتمام مراحل النمو بشكل سليم.
وأكد أن الثغور والتوصيل الثغري وتبادل الغازات وعميلة التمثيل الضوئي تكون في أدنى مستوياتها، ما ينعكس على مُعدلات تواجد الكلوروفيل، ويؤدي بالتبعية لضعف كبير في النمو الخضري.
ولفت إلى أن قدرة النبات على تخليق الكربوهيدرات تصل إلى حدودها الدنيا، والأمر عينه فيما يخص البروتين وكافة العناصر الغذائية التي يحتاجها لإتمام مراحل نموه بشكل طبيعي ومُنضبط.
وانتقل إلى رابع الإشكاليات المُترتبة على ارتفاع الملوحة في مياه الري، والتي تؤدي لانخفاض إفراز الهرمونات النباتية، التي تُساعد في نضج النبات ووصوله لمستويات نمو مُرضية وطبيعية.
وأشار إلى أن مُعدلات انقسام الخلايا النباتية تكون قليلة جدًا، ما يعني خللًا عامًا في كافة العمليات الفسيولوجية، وهو الأمر الذي يترتب عليه ضعف كبير في مستويات النمو الخضري، ما يعوق قدرة النبات على الوصول لمرحلة التزهير.
الأراضي الملحية.. تأثير زيادة الملوحة على مرحلة التزهير والعقد
شدد أستاذ الخضر والزراعات المحمية بالمركز القومي للبحوث على صعوبة وصول النبات لمرحلتي التزهير والعقد، نظرًا لحالة الضعف العام التي يُعاني منها، ما يحول دون إتمام مرحلة النمو الخضري بالشكل المطلوب، الذي يسمح بالوصول للمرحلة التالية.
قدم “طنطاوي” شرحًا وافيًا لمجموعة الأسباب التي تحول دون إتمام مرحلتي التزهير والعقد بالشكل المطلوب، عند الزراعة في الأراضي الملحية، أو إتمام مُعاملات الري بمياه ترتفع فيها مستويات الملوحة عن الحدود المسموحة، موضحًا أن هاتين المُعضلتين تؤديان لضعف قدرة النبات على امتصاص المياه بشكل سليم، كأحد العوامل الهامة لنجاح هذه المرحلة.
ولفت إلى أن ارتفاع مستويات الملوحة يؤدي لضعف كبير في نسب ومستويات تواجد عنصري الفوسفور والبوتاسيوم، بسبب عدم القدرة النبات على امتصاصها بشكل سليم.
وأوضح أن قدرة النبات على إنتاج حبوب اللقاح تصل لأقل مُعدلاتها، ما ينعكس على حيويتها ودرجة نشاطها بشكل يعوق قدرتها على إتمام عملية التلقيح والإخصاب، حتى لو تم إنباتها على الميسم، نظرًا لعدم قدرتها على النفاذ إلى البويضة، لإتمام التلقيح وصولًا لإنتاج الجنين، مُشيرًا إلى أن الأمر عينه ينطبق على ضعف حيوية البويضات.
وأكد أن جميع العوامل السابقة يترتب عليها ضعف عام في مستويات التزهير والعقد، لافتًا إلى أنه حتى لو تمت مرحلة العقد، فإن الثمار الناتجة عنها تكون ضعيفة وصغيرة الحجم، مُقارنة بالنسب المُتعارف عليها، ما يؤدي في النهاية لضعف الإنتاجية وعدم تحقيق الربحية الاقتصادية المأمولة بحلول نهاية الموسم.
إقرأ أيضًا
محصول القمح.. 3 مكاسب اقتصادية من زراعة “الغلة” بعد “البرسيم الفحل”
الصقيع.. أفضل برنامج تسميدي للتغلب على أضراره وتخطي مشاكل “المعاومة”
محصول الفاصوليا.. مخاطر “التصويم والغمر” وتوقيتات الري المُثلى للأراضي “الطينية والرملية”
الملوحة و”الأراضي الملحية” وتأثيرها على التركيبة الكيميائية للنبات
تحدث الدكتور علاء طنطاوي عن التأثير السلبي الضار لاستخدام مياه ري ذات مستويات ملوحة مُرتفعة، مؤكدًا أن لها تبعات خطيرة على التركيبة الكيميائية للنبات، ونسب تركيز العناصر الغذائية الرئيسية فيه.
وأوضح أن زيادة مستويات الملوحة في مياه الري تؤدي لارتفاع تركيز عنصري الصوديوم والكلوريد بالإضافة لحمض أميني “البرولين”، والأخير يعمل على مُعادلة “الأسموزية” لإتاحة الحدود الدنيا لقدرة النبات على امتصاص المياه.
وأشار إلى أنه في مقابل زيادة تركيز عنصري الصوديوم والكلوريد وحمض البرولين، فإن باقي العناصر الضرورية الأخرى، اللازمة لإتمام مراحل نمو النبات بشكل سليم، تكون في أقل مستوياتها وأبرزها “الحديد، الزنك، الفوسفور، الكالسيوم، البوتاسيوم، النيتروجين، الماغنسيوم” بالإضافة لـ”الكلوروفيل”، ما يؤدي لحالة واضحة من الضعف العام، تظهر بشدة في جميع مراحل النمو بلا استثناء.
تأثير الملوحة على حجم الإنتاجية
لخص الدكتور علاء طنطاوي جميع السلبيات السابقة، الناجمة عن الزراعة في الأراضي الملحية، أو استخدام مياه ري ذات مُعدلات ملوحة تتجاوز الحدود المأمونة المُوصى بها، مؤكدًا أن الترجمة الرقمية لها تنعكس على حجم الإنتاجية المُتوقعة بحلول نهاية الموسم، والتي عزاها لسببين رئيسيين، الأول هو انخفاض متوسط وزن الثمرة، فيما يتمثل الشق الثاني في انخفاض عدد الثمار والعناقيد الزهرية، ما ينعكس في النهاية على حجم الحصاد بحلول نهاية الموسم.
لا يفوتك
الأسمدة الزراعية.. طرق ومُعدلات الاستخدام المثلى وأبرز التوصيات الفنية