المحاصيل السكرية واحدة من الملفات التي أولتها القيادة السياسية اهتمامًا كبيرًا، ضمن خطتها الطموحة لتحقيق الاكتفاء الذاتي، والحفاظ على استدامة المحاصيل الاستراتيجية، ومضاعفة إنتاجيتها وتقليل معدلات استيرادها بالعملة الصعبة، وهي الملفات التي تطرق إليها الدكتور محمد أبو بكر بخيت – رئيس قسم المعاملات السابق بمعهد بحوث المحاصيل السكرية – خلال حلوله ضيفًا على الإعلامية رانيا البليدي، مقدمة برنامج «مصر كل يوم»، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
أهمية المحاصيل السكرية
بدأت الحلقة بتقديم معلومات حول أهمية قصب وبنجر السكر، كأحد أبرز المحاصيل الزراعية والصناعية في مصر بعد محصول القمح، حيث تبلغ المساحة المزروعة بالقصب نحو 330 ألف فدان، بينما تبلغ مساحة البنجر 650 ألف فدان.
وأوضح الدكتور محمد أبو بكر بخيت، أن السكر يُنتج من محصولين رئيسيين هما قصب السكر وبنجر السكر، حيث يمثل القصب حوالي 65% من إنتاج السكر عالميًا، بينما يمثل البنجر 35%، مؤكدًا أن الاعتماد على القصب يعود إلى العصور القديمة، في حين يعتبر البنجر من محاصيل العصر الحديث.
نبذة عن محصول البنجر ودوره في صناعة السكر
أشار الدكتور بخيت إلى أن مصر كانت مكتفية ذاتيًا من السكر في السبعينيات، وكان الاعتماد حينها على قصب السكر فقط، موضحًا أن الزيادة السكانية المتسارعة ضاعفت معدلات الاستهلاك، ما دعا الدولة إلى الاعتماد على كلا المحصولين «القصب والبنجر».
وأوضح أن بنجر السكر بدأ في الثمانينيات وشهد تطورًا كبيرًا حتى عام 2015، حيث أصبح البنجر المنتج الرئيسي للسكر في مصر بسبب زيادة المساحات المنزرعة به وتطور المصانع التي تعالجه.
وأضاف أن إنتاجية السكر من البنجر تجاوزت القصب بعد عام 2015، وأنه بحلول عام 2023 بلغ إنتاج السكر من القصب نحو 700 ألف طن فقط، مقارنةً بنحو مليون طن في السنوات السابقة، بينما يتراوح إنتاج السكر من البنجر بين ١.٥ إلى ١.٧ مليون طن.
القيمة الاقتصادية وإنتاجية السكر
وعن القيمة الاقتصادية، أوضح الدكتور بخيت أن زراعة القصب والبنجر تساهم بشكل كبير في توفير المادة الخام لإنتاج السكر، مشيرًا إلى أن استهلاك مصر من السكر يصل إلى نحو 3.25 مليون طن سنويًا، ومع ذلك، فإن نسبة الاكتفاء الذاتي في العام الماضي بلغت 86%، ومن المتوقع أن تنخفض إلى 76% هذا العام.
وعزا هذا التراجع إلى قلة المساحات المخصصة لزراعة القصب، حيث أشار إلى أن حوالي 68-69% فقط من المساحة المزروعة بالقصب تُستخدم في إنتاج السكر، بينما يتم توجيه باقي المحاصيل لأغراض أخرى مثل إنتاج العسل وتوفير البذور.
مواعيد زراعة قصب وبنجر السكر
أوضح الدكتور محمد أبو بكر بخيت، رئيس قسم المعاملات السابق بمعهد بحوث المحاصيل السكرية، أن زراعة قصب السكر في مصر تتم في موسمين رئيسيين، هما: الموسم الخريفي والذي يبدأ من أواخر سبتمبر حتى منتصف أكتوبر، بالإضافة للموسم الربيعي الذي يبدأ في مارس، ويعتبر الموعد الأمثل للزراعة.
وانتقل إلى محصول البنجر، موضحًا أنه يزرع في ثلاث عروات:
العروة المبكرة
تبدأ من منتصف أغسطس حتى منتصف سبتمبر
العروة المتوسطة تبدأ من نهاية سبتمبر حتى منتصف أكتوبر
العروة المتأخرة تستمر حتى منتصف نوفمبر
وأشار «بخيت» إلى أن زراعة البنجر تخضع لعدة حوافز من شركات السكر المتعاقدة مع المزارعين، بما في ذلك علاوة تبكير وعلاوة السكر، بينما يعتمد حساب سعر قصب السكر على الطن المورد فقط، دون اعتبار لنسبة السكر.
مزايا تقاوي الغرس الربيعي
أكّد الدكتور محمد أبو بكر بخيت أن قصب السكر يعد أحد الحاصلات المعمرة، ويتم زراعته في السنة الأولى، وتستمر إنتاجيته لمدة خمس سنوات دون الحاجة لإعادة الزراعة.
وشدد على أهمية البدء باستخدام تقاوي سليمة لتحقيق إنتاجية عالية على مدار تلك السنوات، موضحًا أن التقاوي المأخوذة من “الغرس” الربيعي تعطي أفضل النتائج، حيث تُنتج دورة محصولية قوية ومستدامة مقارنة بالتقاوي المأخوذة من الخلفات القديمة مثل الخلفة الثانية أو الثالثة أو الرابعة، التي قد تؤدي إلى تقليل الكثافة النباتية وبالتالي انخفاض إنتاجية الفدان.
العوامل المؤثرة في جودة التقاوي
تابع أستاذ المعاملات السابق بمعهد بحوث المحاصيل السكرية موضحًا أن التقاوي تمثل حجر الأساس في الزراعة، ما يفرض ضرورة الاستعانة بالتقاوي المخصصة لزراعة قصب السكر من محصول الغرس، ويُفضل أن تكون من نباتات سليمة وقائمة وليس من نباتات راقدة على التربة، محذرًا من تبعات استخدام التقاوي المصابة بأي آفات أو أمراض، حيث قد تؤدي إلى ضعف نسبة الإنبات وبالتالي تقلل من الإنتاجية.
وأضاف أن على المزارعين إيلاء عناية خاصة للحقول المخصصة لاستخراج التقاوي، مع الاهامام بتطبيق معاملات تسميد مناسب وعناية فائقة بالنباتات.
واوضح أن العود المستخدم في زراعة التقاوي يعتمد في إنباته على الغذاء المخزن فيه، وبالتالي كلما كانت التقاوي مسمدة بشكل جيد وخالية من الأمراض، زادت فرص نجاح الإنبات وتحقيق إنتاجية عالية.
تحسين إنتاجية الفدان
أكد «بخيت» أن هناك عدة عوامل أخرى تساهم في زيادة إنتاجية الفدان من قصب السكر والبنجر، حيث تعتمد هذه العوامل على اتباع المزارعين للتقنيات الزراعية السليمة، بما في ذلك العناية بالتربة واستخدام التقاوي الصحيحة وتوفير الري المناسب والتسميد الجيد.