تعتبر الجبن المطبوخ من أكثر أنواع الجبن انتشاراً وتداولاً واستهلاكاً حول العالم، ويرجع ذلك إلى محتواها العالي من العناصر الغذائية الهامة مثل الدهن والبروتين والكالسيوم، علاوة على سهولة نقلها وتداولها وتخزينها.
كما تعد الجبن المطبوخ من الأجبان المفضلة لدى قطاع عريض من المستهلكين خاصة الأطفال والشباب، ويتم إنتاج الجبن المطبوخ من خلال عملية فرم وخلط وطبخ أو تسخين (85-90 درجة مئوية لمدة 8-10 دقائق) نوع أو أكثر من الجبن الطبيعية مع أحد أملاح الاستحلاب مع أو بدون، وإضافة مكونات لبنية أخرى أو مضافات طبيعة أو منكهات، حيث تؤدي عملية الطبخ إلى الحصول على ناتج نهائي متجانس في قوامه، آمن علي الصحة وله قدرة حفظية عالية، وهناك أنواع مختلفة من الجبن المطبوخ مثل الجبن ذو القوام الصلب Blocks والجبن القابل للفرد Spreadable.
ويعتبر الأساس في عملية إنتاج الجبن المطبوخ هو تحويل الباراكازين غير الذائب (في الجبن الطبيعية) الذي يوجد في صورة جلية أو هلامية إلي صورة سائلة كنتيجة للمعامله الحرارية وإضافة أملاح الاستحلاب (مثل أملاح الفوسفات الأحادية أو العديدة، أو أملاح السترات، وتضاف بنسبة 2- 3% ) وتتحول هذه الكتلة السائلة إلي قوام صلب عند التبريد بفعل قوي البلمرة أو التجمع الجزئي، ويكون الجبن الناتج مختلف عن الجبن الأصلي في صفاته الطبيعية والكيماوية، وذو قوام أكثر تجانسا وأعلي في جودته الميكروبية. ويتحدد نوع الجبن الصالح لإنتاج الجبن المطبوخ بناءا على محتواه من الكازين الفعال، وهو الكازين القادر علي تكوين شبكة البروتين، ويسمي أيضا بالكازين النسبي والذي يمثل نسبة النيتروجين في الكازين غير الذائب إلي نسبة النيتروجين الكلي في الجبن الطبيعي، ويشترط ألا يقل نسبة الكازين النسبي في الجبن المطبوخ النهائي عن 12 %. ويجب العلم بأنه كلما زادت نسبة الكازين الفعال في الجبن المطبوخ كلما كان الجبن الناتج ذو قوام خيطي طويل وكلما قلت كان الناتج ذو قوام خيطي قصير.
الجبن المطبوخ ذو الخواص الوظيفية:
تعرف الأغذية الوظيفية بأنها الأغذية المحتوية علي عناصر غذائية متوازنة ومفيدة للصحة وتساعد الإنسان علي أداء وظائفه الحيوية بصورة جيدة، كما تحتوي علي مكونات ذات تأثير فسيولوجي نشط يساعد بصورة مباشرة في الحماية أو منع حدوث الأمراض أو الشفاء منها. ونتيجة لزيادة الوعي الغذائي لدي المستهلكين فقد إزداد الإقبال علي طلب وإستهلاك المنتجات الغذائية الوظيفة مما شجع العلماء والباحثين علي تطوير منتجات وظيفية جيدة ومتنوعة تلبي رغبات المستهلكين وتحفزهم علي الإتجاه الي إستهلاك الأغذية الصحية والإبتعاد عن الأغذية الضارة (الأغذية السريعة).
ولقد حظيت منتجات الألبان بنصيب الأسد في مجال إنتاج الأغذية الوظيفية مثل الألبان المتخمرة الوظيفية، والأيس كريم الوظيفي والأجبان الوظيفية وغيرها.
ونتيجة لذلك فلقد نال الجبن المطبوخ جزء من هذا الإهتمام، حيث أجريت العديد من الدراسات علي إنتاج جبن مطبوخ ذو صفات وظيفية عن طريق إضافة مكونات أو مستخلصات طبيعية ذات خصائص حيوية عالية مثل مضادات الأكسدة أو مضادات الميكروبات أو منشطات الجهاز المناعي وغيرها، إلي خلطات الجبن المطبوخ لإنتاج جبن له صفات غذائية وصحية عالية.
ولم يكن دور علماء معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية عن هذا الماراثون العلمي والبحثي ببعيد، فلقد أجريت العديد من الدراسات لتدعيم الجبن المطبوخ بمكونات طبيعية جديدة ذات تأثيرات صحية عالية، ومنها دراسة حديثة تمت خلال 2021 علي إنتاج جبن مطبوخ مدعم بمستحلب الكوركيومين النانوي، إذ يعتبر الكوركيومين الناتج من مسحوق الكركم مركب ذو صفات حيوية وصحية هائلة، فلقد أظهرت الدراسات السابقة أن الكوركيومين له صفات مضادة لأنواع مختلفة من السرطان مثل سرطان المخ وسرطان الثدي وسرطان العظام واللوكيميا و سرطان الرئة وسرطان المبايض وسرطان المثانة، كذلك له دور كمضاد قوي للميكروبات الممرضة وكذلك كمضاد للأكسدة والإلتهابات ومنظم لمستوي الجلوكوز في الدم وفي بعض حالات مرض السكري.
لكن مع كل هذه الفوائد المتعددة فإن معدل الإستفادة من الكوركيومين محدودة نظرا لصعوبة ذوبانه في الماء مما يؤدي إلي ضعف إمتصاصه في الجسم وبالتالي صعوبة إتاحته الحيوية، لذلك يفضل تحويله إلي صورة نانوية سهلة الذوبان في الماء قبل إضافته إلي الأغذية. وقد وجد باحثي معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية أن تحويل الكوركيومين إلي مستحلب نانوي قد حسن جدا من صفاته كمضاد للميكروبات.
فقد لوحظ أن مستحلب النانوكوركيومين له القدرة علي تثبيط العديد من السلالات الميكروبية الممرضة مثل الإيشريشيا كولايE. coli ، والكوليستريديوم Clostridium sporogenes ، والإستافيلوكوكس Staphylococcus aureus ، والكليبسيلا Klebsiella pneumonia ، والسيدوموناس Pseudomonas marginalis عند تركيز 25 و 50 ميكروجرام/ مل.
لذلك تم إستخدام مستحلب النانوكوركيومين في إنتاج جبن مطبوخ وظيفي عند تركيزات 25 و 50 مجم/ كجم جبن، والذي أدي إلي تحسين صفات القوام من حيث سهولة الفرد وعدم فقد الرطوبة والجفاف خلال التخزين.
علاوة علي تحسين التقبل العام للمنتج قبل المستهلكين وترحيبهم بالمنتج بشكل كبير وملحوظ، وكان الجبن المحتوي علي 25 مجم/ كجم جبن هوالأعلي في التقبل الحسي.
وختاما يمكن القول بأن تطوير منتجات الألبان وإنتاج منتجات لبنية ذات خواص وظيفية يعتبر أحد ركائزمستقبل صناعة الغذاء في العالم ، وأنه يجب علي المستهلكين أن يداوموا علي تناول منتجات الألبان سواء التقليدية أو الوظيفية لتحسين الصحة والوقاية من الأمراض، علاوة علي حصول الجسم علي العناصر الغذائية المهمة التي يحتاجها.
إعداد
د. محمود إبراهيم السيد
باحث أول بقسم بحوث تكنولوجيا الألبان – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذية
اقرأ أيضا:
الحاصلات الزراعية.. القصير: يستعرض أمام النواب حصاد ملف التصدير
منظومة تسويق القطن حققت أسعار مناسبة للمزارعين
تجميع الألبان.. وزير الزراعة: الانتهاء من تطوير وإنشاء 271 مركز
لا يفوتك: الزراعة والتموين تشنان حملات تفتيشية على مصانع اعلاف الدواجن