محصول القمح واحد من المحاصيل الاستراتيجية الأساسية التي تهتم بها كافة حكومات العالم على اختلافها، لكونه أحد ركائز منظومة الأمن الغذائي، وهي المسألة التي يتوجب معها العمل على مضاعفة معدلات الإنتاجية، والسعي نحو استنباط وإنتاج سلالات وأصناف جديدة تتماشى مع الواقع الجديد الذي فرضته التحديات العالمية الجديدة، وفي مقدمتها التغيرات المناخية، والزيادة السكانية، بالإضافة إلى تداعيات المشاكل السياسية والعسكرية الأخيرة، التي أثرت جميعها على سلاسل التجارة والإمداد العالمي.
وخلال حلولها ضيفةً على الإعلامي طه اليوسفي مقدم برنامج “المرشد الزراعي”، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناولت الدكتورة هدى مصطفى الغرباوي – رئيس البحوث بمعهد المحاصيل الحقلية، التابع لمركز البحوث الزراعية – العديد من الملفات والمحاور الخاصة بسبل الارتقاء بمعدلات إنتاجية محصول القمح، والحد من الإصابات المرضية والحشرية، وتقليص الخسارة الاقتصادية الناجمة عنها.
التحضير المبكر لزراعة محصول القمح.. مفتاح النجاح
في البداية أكدت الدكتورة هدى مصطفى الغرباوي على أن التحضير المبكر للزراعة يمثل مفتاح نجاح الموسم، مشيرةً إلى أن كل خطوة فيها بداية من تجهيز الأرض وحتى معاملات الجمع والحصاد، تؤثر بشكل أو بآخر على حجم المحصول النهائي، موضحةً أن البدايات الخاطئة تؤدي حتمًا إلى نقص حجم الإنتاجية، ولافتةً إلى أن التحضير الجيد، يعتمد على التعلم من الأخطاء السابقة، واستشارة الخبراء والعلماء لضمان تنفيذ أفضل الممارسات الزراعية المطلوبة.
أخطاء وتحديات
سلطت الضوء على أبرز التحديات التي واجهها المزارعون خلال الموسم الماضي، بالنظر إلى إجمالي المساحة المنزرعة بالقمح، والتي لا تتجاوز 3.2 مليون فدان، بإجمالي إنتاجية يصل إلى 9.6 مليون طن، وهو رقم أقل الاحتياجات الفعلية، التي تتراوح بين 16 و17 مليون طنًا، ما ضاعف من حجم الفجوة الغذائية بين معدلات الإنتاج والاستهلاك.
ولفتت “الغرباوي” إلى بعض الأخطاء التي ارتكبها المزارعون على مدار الموسم الماضي، والتي انعكست بشكل ملحوظ على معدلات وإجمالي الإنتاجية عند مرحلة الحصاد، وفي مقدمتها عدم الالتزام بالتوقيت الأمثل للزراعة، موضحةً أنه لا فرق في ذلك بين الزراعات المبكرة أو المتأخرة، حيث تتساوى النتائج في النهاية، وتؤثر سلبًا على حجم المحصول المتوقع.
تداعيات التغيرات المناخية
رغم ذلك، أشارت رئيس البحوث بمعهد المحاصيل الحقلية إلى التأثير المعاكس للتغيرات المناخية والظروف الجوية السائدة خلال الموسم السابق، والتي لا دخل للمزارع فيها، مشددةً على ضرورة أن يبذل قصارى جهده، في اتباع الممارسات الزراعية الموصى بها، بداية من تجهيز الأرض بشكل صحيح قبل زراعة محصول القمح، ومرورًا بإزالة بقايا المحصول السابق، لتجنب أي تأثيراته وانعكاساته السلبية، مع الالتزام باتباع السياسة الصنفية، وعدم التمسك بأصناف قديمة أو أقل إنتاجية.
أهمية الالتزام بالسياسة الصنفية واستخدام الأصناف المعتمدة
نبهت “الغرباوي” على ضرورة اختيار الأصناف الجديدة المقاومة للأمراض والتغيرات المناخية، مشيرةً إلى خطورة إهمال تلك التوصية، نظرًا لتداعيات التعامل مع بعض الأصناف القديمة، التي فقدت مقاومتها للأمراض والتقلبات الجوية مع مرور الزمن، مشددةً على ضرورة اتباع النصائح العلمية الموثوقة، لضمان اختيار الأصناف المثلى وزيادة معدلات الإنتاجية.
مشاكل الإفراط في استخدام المبيدات وأخطاء الري
أشارت رئيس البحوث بمعهد المحاصيل الحقلية إلى أبرز المشاكل التي واجهت المزارعين، والناجمة عن الاستخدام غير الأمثل للمبيدات، وأخطاء تطبيق معاملات الري، موضحةً أن توقيت رش المبيدات وطريقة استخدامها، يلعبان دورًا كبيرًا في الحفاظ على حيوية وصلاحية المحصول، مشيرةً إلى أن بعض الأراضي لم يتم تجهيزها بشكل صحيح، بالإضافة للمشاكل الناجمة عن ارتفاع درجة الملوحة، أو سوء حالة الصرف، ما أثر على جودة المحصول.
وأكدت نجاح قطاع عريض من مزارعي محصول القمح بسبب اتباع التعليمات الزراعية الصحيحة، لافتةً إلى أنه سيتم تكريمهم، ضمن الحملة القومية للنهوض بالقمح، ضمن سياسة وزارة الزراعة، لتشجيع المزارعين على اتباع المنهج العلمين والالتزام بالإرشادات الزراعية المقدمة من الخبراء والباحثين المتخصصين.
وحذرت من اعتماد بعض المزارعين على خبراتهم الشخصية، دون الالتفات إلى الإرشادات العلمية التي يقدمها الباحثين المتخصصين، والتي تعتمد على سنوات طويلة من الأبحاث والتجارب، مشيرة إلى ملف تطوير وإنتاج الأصناف والسلالات الجديدة، والذي يستغرق من 10 إلى 15 عامًا، وهو مؤشر ملموس للجهود المبذولة من قِبل الجهات المعنية، لإنتاج أصناف ذات معدلات إنتاجية ومقاومة عالية ضد الإصابة بالأمراض.
قواعد ونصائح عامة لتجهيز الأرض لزراعة محصول القمح
قدمت “الغرباوي” حزمة من النصائح الإرشادية والفنية حول تجهيز الأرض لزراعة محصول القمح، مشيرةً إلى أهمية إزالة بقايا المحصول السابق، مع مراعاة نوعية التربة وتحديد مدى احتياجها إلى عمليات التسوية بالليزر من عدمه، في المقابل نبهت إلى عدم احتياج الأراضي المالحة أو التي تعاني من سوء الصرف إلى تنفيذ عملية التسوية بالليزر، مؤكدةً أنها تحتاج إلى عمليات إصلاح معينة، وإتمام معاملات الحرث السطحي لـ30 سم التي تغطي الطبقة السطحية للتربة.
وشددت على ضرورة إصلاح المصارف أو زيادتها بما يخدم التربة بشكل أفضل، مع إخلاء الأرض من بقايا المحصول السابق، وعدم ترك أي جذور أو قلاقيل، تعيق عملية الإنبات، مع التخطيط الجيد للأرض طبقًا لطبيعتها التي يدركها المزارع جيدًا من واقع خبراته ومعايشته.
أوصت الدكتورة هدى بأهمية تحليل التربة بانتظام لمعرفة نسب العناصر الغذائية والملوحة بها، محذرةً من إهمال هذا الأمر، حيث يمكن أن يؤدي عدم معرفة حالة التربة إلى تقليل إنتاجية المحصول بشكل كبير، مشيرةً إلى ضرورة اتباع الدورة الزراعية، والتي تساعد في تقليل الإجهاد الواقع على التربة، بالإضافة لتعزيز محتواها من العناصر الغذائية.
اختتمت حديثها بتوجيه النصائح للمزارعين بضرورة الاستفادة من الحقول الإرشادية والحملات الزراعية، مؤكدةً أن هذه الحملات تسعى إلى تقديم الدعم والإرشاد العلمي للمزارعين لضمان تحقيق أفضل النتائج المرجوة على مستوى الحصاد والجودة.
اضغط الرابط وشاهد الحلقة كاملة..
موضوعات ذات صلة..
القواعد والاشتراطات العامة لحصاد محصول القمح
«البرسيم الفحل».. ٤ مكاسب اقتصادية يمكن تحقيقها عند زراعته قبل القمح