تبرز الحاجة الماسة إلى تفعيل دور البحوث الزراعية وتسويق نتائجها بشكل فعال، انطلاقًا من الأهمية المتزايدة للمحاصيل الزراعية وبخاصة الاستراتيجية منها في دعم الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن الغذائي، لضمان الاستفادة من الجهود العلمية التي تُبذل داخل المعامل وتحويلها إلى تطبيقات عملية تُحدث فارقًا ملموسًا على أرض الواقع، وهو ما تناوله الدكتور عطوة أحمد عطوة، مدير مركز إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية، خلال لقائه مع الإعلامي ماهر الفضالي، مقدم برنامج «صناع المستقبل»، المذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
تبني الدولة لتسويق البحث العلمي من المعمل إلى الحقل
أوضح الدكتور عطوة أحمد عطوة أن وزارة الزراعة، ممثلة في مركز البحوث الزراعية، تبنت منذ عام 2000 استراتيجية متكاملة لنقل نتائج البحث العلمي من المعمل إلى الحقل، مؤكدًا أن هذه الجهود شملت إنتاج أصناف وهجن زراعية جديدة، وابتكار أنواع محسنة من الأسمدة، وإدخال سلالات حيوانية ودواجن متطورة، بالإضافة إلى تطوير طرق التصنيع الغذائي، مشددًا على أن الهدف من هذه الابتكارات يتمثل في دعم الزراعة المصرية وخدمة المزارع، عبر تقديم حلول حقيقية للتحديات التي تواجه القطاع الزراعي، موضحًا أن تلك المخرجات يتم توجيهها بشكل مباشر إلى المستهلك النهائي، سواء كان مزارعًا، أو جهة إنتاجية، أو مستثمرًا، وذلك من أجل تعزيز الاستدامة الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي القومي.
ضرورة إقناع المزارع بالحلول البحثية عبر التجربة الميدانية
شدد “عطوة” على أن نجاح تسويق البحث العلمي يتوقف بالأساس على اقتناع المزارع بجدوى هذه الحلول، مشيرًا إلى أن المزارع المصري لا يعتمد على النظريات، بل يصدق ما يراه بعينه، موضحًا أن مركز البحوث الزراعية ينتهج سياسة إنشاء الحقول الإرشادية التي تُظهر نتائج البحوث الزراعية على أرض الواقع، سواء من خلال الأصناف المستنبطة، أو تقنيات الري الحديث، أو الممارسات الزراعية الجيدة، مدللًا على أن هذه التجارب الميدانية تتيح للمزارع مقارنة نتائج الحقل الإرشادي المزروع بطرق علمية، بالحقل التقليدي الذي يزرعه بنفسه، وهو ما يساهم في رفع مستوى الوعي والإقبال على استخدام مخرجات البحث العلمي، مفسرًا أن هذا النهج يؤدي إلى طفرة في الإنتاج الزراعي ويعزز الأمن الغذائي.
نتائج ملموسة على أرض الواقع خلال السنوات الأخيرة
أكد مدير مركز إدارة وتسويق التكنولوجيا بمركز البحوث الزراعية أن نتائج تطبيقات البحث العلمي أصبحت ملموسة بقوة في السنوات العشر الأخيرة، موضحًا أن الدولة أولت اهتمامًا بالغًا بالابتكار والبحث العلمي في المجال الزراعي، مبرزًا أن إنتاجية فدان القمح ارتفعت من 10-12 أردب في السابق إلى متوسط 18 أردب حاليًا، لافتًا إلى أن بعض الحقول الإرشادية وصلت إلى إنتاج 24 و26 وحتى 30 أردب للفدان، مدللًا على أن هذه الأرقام تحققت بفضل أصناف القمح المستنبطة محليًا في مركز البحوث الزراعية، متابعًا أن إنتاجية الذرة، على سبيل المثال، تضاعفت من 2 طن للفدان إلى 4 أطنان، مشيرًا إلى أن هذا التقدم لم يقتصر على المحاصيل فقط، بل شمل تحسين الأعلاف، والسلالات الحيوانية، وتطوير صناعة الدواجن، والأسمدة المحسنة، وأنظمة الري الحديثة، مؤكدًا أن كل هذه التحسينات انعكست إيجابيًا على حياة المزارع وزادت من العائد الاقتصادي للفدان، موضحًا أن الفارق أصبح واضحًا ومؤثرًا في حياة المزارعين وفي تنمية الريف المصري.
تكامل دور الدولة والقطاع الخاص في تسويق البحوث الزراعية
فند “عطوة” الدور الحيوي لكل من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص في تعزيز تسويق البحوث الزراعية، مشيرًا إلى أن مركز البحوث الزراعية يعمل على إنتاج الابتكارات، بينما تتبنى الدولة تقديم هذه المخرجات للسوق المحلي، مفسرًا أن دور القطاع الخاص يتمثل في تبني هذه الابتكارات وتسويقها على نطاق أوسع، موضحًا أن التكامل بين الطرفين يمثل السبيل الأمثل لنشر التكنولوجيا الحديثة وتعظيم الاستفادة منها، مؤكدًا أن إشراك القطاع الخاص في هذه المنظومة يسهم في تسريع وتيرة التنمية الزراعية وتحقيق عائد اقتصادي يعود بالنفع على الجميع، منوهًا إلى أن نجاح هذه المنظومة يتطلب توافر أدوات فعالة لإقناع المزارعين والمستهلكين بجدوى تلك التقنيات، موصيًا بضرورة تعزيز التعاون بين كافة الأطراف المعنية لتحقيق الأهداف المرجوة.