أمراض الظهر والعمود الفقري، واحدة من أكثر الأعراض المرضية شيوعًا، بين قطاع عريض من المواطنين على مستوى العالم، كواحدة من المُعضلات التي يصعب التعامل معها، دون استشارة الطبيب المُختص، لتحديد طُرق وكيفية التعامل معها بشكل علمي صحيح، للحيلولة دون حدوث مُضاعفات تزيد من تفاقم المُشكلة.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور وليد البوشي، مُقدم برنامج “الكونسلتو”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور سامح أحمد صقر – أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني – ملف أمراض الظهر والعمود الفقري الشائعة بالشرح والتحليل، لبيان أسبابها وأنماطها المُختلفة، وطرق التعامل معها وعلاجها، وتوقيت اللجوء للتدخل الجراحي، ونسب نجاحها.
أمراض الظهر والعمود الفقري.. متى تكون الأعراض طبيعية؟
في البداية أكد الدكتور سامح أحمد صقر أن مُشكلة أمراض الظهر والعمود الفقري، هي ثاني أكثر الأعراض المرضية شيوعًا بين البشر، بعد نزلات البرد والأنفلونزا، والتي تُعد أكبر مصادر الشكوى، والسبب الرئيسي للجوء إلى الطبيب المُختص.
وأوضح أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني أن آلام العمود الفقري والظهر، ليست على نفس القدر من الخطورة، لافتًا إلى أن 85% من الشكاوى والأسئلة، تعود إلى مُسببات طبيعية “مؤقتة”، وأبرزها مُضاعفات الحمل وما بعد الولادة لدى السيدات، التعامل الخاطىء مع الأوزان الثقيلة، التعرض لتيار هواء بارد أثناء النوم، مُشيرًا إلى أن أغلب هذه الأعراض تزول وتختفي وحدها مع مرور الوقت، دون الحاجة لتلقي جرعات علاجية مُحددة.
أمراض الظهر والعمود الفقري.. أكثر الأعراض شيوعًا في العالم
ولفت الدكتور سامح أحمد صقر إلى أن نسبة الـ15% المُتبقية، لا يمكن التهاون معها، نظرًا لخطورة الرقم الذي يمثل أكبر شريحة مرضية، بالنسبة للتعداد السكاني العالمي، الذي يتجاوز حدود الـ7 مليار شخص، ما يؤكد خطورة الوضع وضرورة التعامل معه بشكل علمي مُتخصص.
وأشار صقر إلى أن خُمس هذا الرقم “3%” يُعانون من الإصابة بالانزلاق الغضروفي، وهي الحالة التي تُمثل مصدر قلق ودراسة، نظرًا لضخامة عدد المُصابين، والذي يصل لقرابة الثلاثة ملايين شخص سنويًا على مستوى القطر المصري.
الوصف التشريحي للعمود الفقري
وانتقل الدكتور سامح أحمد صقر إلى تعريف العمود الفقري وتركيبته الأساسية مُشيرًا إلى أنه يتكون من 29 فقرة “7 فقرات عُنقية، 12 صدرية، 5 قطنية، 5 عجزية” ملتصقين ببعضهم البعض، ويفصل بين كل فقرة والأخرى غُضروف.
الفقرات الثابتة والمُتحركة
وبين “صقر” طبيعة تركيب العمود الفقري، موضحًا أنه يتكون من فقرات مُتحركة وأخرى أقل في معدل الحركة، وثالثة ثابتة وملتحمة، مُشيرًا إلى أن الفقرات العُنقية هي الأكثر تحررًا وبزاويا مُختلفة، حتى تسمح للرأس بأداء مهامها بسلاسة، وتأتي الفقرات القطنية في المرتبة الثانية من حيث القدرة على الحركة، فيما تُمثل الفقرات الصدرية المرتبة الأقل في الترتيب، وأخيرًا الفقرات العجزية وهي مُلتحمة وثابتة.
الغضاريف وأهميتها بالنسبة للعمود الفقري
شبه أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني دور “الغُضروف” بالمفصلة التي تُمثل محور حركة الأبواب والنوافذ، وهو نفس الدور الذي تقوم به في جسم الإنسان بحيث تسمح بحركة سلسلة للفقرات دون احتكاك أو آلام.
أسباب تضرر وآلام العمود الفقري
وقدم شرحًا مُبسطًا لأسباب تضرر هذه المنطقة الحساسة، موضحًا أن العمود الفقري والغضاريف تتحمل وزن جسم الإنسان الطبيعي “70 كجم”، مُشيرًا إلى أن أي زيادة غير منطقية تؤدي لضغط الفقرات والغضاريف، وتقليل المسافات الفاصلة بينها، بالشكل الذي يؤدي لحدوث احتكاك فيما بينها، وهي أولى مُسببات الألم المعروفة.
موضوعات قد تهمك:
الديدان الدبوسية “الرفيق المُزعج”.. طُرق انتقال العدوى وأسباب فشل العلاج
الانزلاق الغضروفي.. أسباب الإصابة وأبرز المحاذير
تأتي مُشكلة الانزلاق الغضروفي، كثاني أكثر أعراض أمراض الظهر والعمود الفقري، الشائعة بين قطاع كبير من المصريين، وذلك قد يكون مرجوعه للعديد من السلوكيات والعادات اليومية، والتي غالبًا ما يكون للأحمال الثقيلة أو وضعية الجلوس الخاطئة دخل كبير فيها، ما يستدعي إلقاء الضوء على مُسبباتها وكيفية تلافيها، وآليات وسُبل التعامل معها وعلاجها.
في البداية أرجع الدكتور سامح أحمد صقر أسباب الإصابة بأغلب أمراض الظهر والعمود الفقري، ومنها الانزلاق الغضروفي، والذي عرفه بأنه حمل زائد أو تعامل وعادات سلوكية خاطئة، أدت إلى الضغط على العمود الفقري، بشكل أدى لتضييق المساحات بيها، وتعريضها للاحتكاك بشكل يؤدي للشعور بآلام حادة في هذه المنطقة من الجسم.
ماذا تعرف عن فقرات الظهر؟
وأوضح أستاذ جراحة المخ والأعصاب بأن العمود الفقري يتكون من 29 فقرة، تتوزع تبعًا لموقعها “7 عُنقية، 12 صدرية، 5 قطنية، 5 عُجزية، تتصل ببعضها البعض، فيما يفصل بينها الغضاريف والتي تعمل كوسائد أو مفاصل، لتسهيل حركة الجسم بسلاسة دون الشعور بأي ألم.
ولفت “صقر” إلى وجود بعض الفوارق التي تفصل فيما بين أجزاء العمود الفقري الأربعة المُشار إليها، أهمها مدى قدرتها على الحركة، موضحًا أن الفقرات العُنقية هي الأكثر تحررًا، لتسهيل مُهمة الرأس في الحركة وأداء مهامها بشكل طبيعي، يليها منطقة الفقرات القطنية، ثم الصدرية، والعجزية التي تنفرد بتلاحم فقراتها وعدم قدرتها على التحرك.
وأكد الدكتور سامح أحمد صقر أن الفقرات القطنية هي الأكثر عُرضة للإصابة بأعراض الانزلاق الغضروفي، نظرًا لكونها تتحمل العبء نصف وزن الجسم بمفردها، وتتقلص نسب الإصابة في المنطقة العُنقية، التي تتحمل قدرًا أخف من الضغوط، لا يتعدى الستة كيلو جرامات الخاصة بمنطقة الرأس، بينما تندر مُعدلات الإصابة بالنسبة للفقرات الصدرية.
لا تفوتك مُشاهدة ها الفيديو:
أسباب الإصابة بمرض السكر وطرق العلاج
الأعراض الدالة على الإصابة بالانزلاق الغضروفي
وحصر “صقر” 95% من نسب الإصابة بأعراض الانزلاق الغضروفي في الفقرتين الأخيرتين بالمنطقة القطنية، وبالأخص “الرابعة والخامسة” و “الأولى والخامسة”، والتي تُمثل قاسمًا مُشتركًا في أغلب الحالات المرضية التي تفد على أطباء المخ والأعصاب.
وفرق أستاذ جراحة المخ والأعصاب بين ثلاثة أنماط من الشكاوى التي يأتي بها المرضى، والتي تكشف إلى حد بعيد كون هذا العرض يندرج تحت بند الانزلاق الغضروفي من عدمه كالتالي:
الشعور بالألم
وهنا تنحصر شكوى المريض في شعوره بآلام تتفاوت شدتها بحسب حالة الإصابة سواء كانت في المنطقة العُنقية “الرقبة أو الذراعين” أو أسفل الظهر والقدمين بمنطقة “الفقرات القطنية”، وهو عرض لا يمكن تجاوزه دون إجراء الاختبارات والأشعة اللازمة.
عدم القدرة على الحركة بشكل سليم
وتتجلى هذه السمة في عدم قدرة المريض على التحرك بشكل سليم أو السيطرة والتحكم في قدميه، ونفس الأمر ينطبق على منطقة الذراعين، ويتمثل في عدم قدرة المُصاب على حمل الأشياء مهما صغر حجمها أو خف وزنها.
عدم التحكم في وظائف الإخراج
لخص الدكتور سامح أحمد صقر هذه النقطة في عدم قدرة المريض على التحكم في البول أو البراز، بداية من شعوره حتى وصوله إلى دورة المياه أو المرحاض، والعكس صحيح إذا ما كان الأمر يتعلق باحتباس البول أو الإمساك.
وأوضح استشاري المخ والأعصاب أن الشكاوى الثلاث المذكورة، يندرج تحتها عشرات الأسئلة التشخيصات، والتي قد تفصل في الكشف عن إصابة المريض بأعراض الانزلاق الغضروفي من عدمه، لافتًا إلى ضرورة انتباه المريض وإجابته بشكل صحيح على جميع الأسئلة التي تُلقى على مسامعه دون تهوين أو تهويل، لتسهيل مُهمة الطبيب في التشخيص، وتوجيه بوصلة العلاج والتعافي في طريقها الصحيح.
وحذر “صقر” من تهاون الكثير من الحالات مع سلوك القنوات الصحيحة والعلمية للعلاج، واتباع العديد من الطرق الشعبية مثل الحجامة والعصا وغيرها من الأمور الشائعة في المناطق الريفية، والتي قد تؤدي لتفاقم الحالة، قبل الذهاب إلى الطبيب المُختص، كآخر المحطات والحلول التي يلجأ إليها، ما يُصعب مُهمة التعافي والعلاج.
آلام أسفل الظهر.. لماذا تتضاعف في الصباح؟
آلام أسفل الظهر عرض مرضي يُعاني ويشكو منه الكثيرين، وبالأخص في المراحل السنية والشرائح العمرية ما فوق العقد الخامس، وهي الظاهرة التي تُمثل مصدر عام للشكوى لأصحاب الوزن الزائد، ومن يعانون من قِلة الحركة، ما استدعى الاستماع لرأي الأطباء والأساتذة المُتخصصين، لبيان أسبابها وسُبل علاجها وكيفية التخلص منها بشكل آمن للأبد.
في البداية أكد الدكتور سامح أحمد صقر أن أمراض وآلام أسفل الظهر والعمود الفقري، غالبًا ما تكون عرضًا مُصاحبًا لأصحاب الشرائح العُمرية ما فوق الخمس عقود، والتي تُعبر عن نفسها بعُنف عقب استيقاظ المريض من النوم، فيما يتضاءل مُعدل الشعور بالألم في غضون فترة زمنية لا تتجاوز حدود الساعتين.
وأوضح أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني أن هذه الشكوى غالبًا ما تكون مُلازمة لأصحاب الوزن الزائد، والذين تقل حركتهم اليومية عن المُعدل الطبيعي للأشخاص العاديين، مُشيرًا إلى أن لا ينبغي أن تكون مصدر قلق لأصحابها.
المفاصل الصغيرة بين الفقرات.. كلمة السر!
وحدد “صقر” موطن الداء والإصابة بالنسبة لأصحاب شكوى آلام أسفل الظهر، والتي يشعر بها المريض بمجرد استيقاظه، مؤكدًا أنها ناتجة عن تضرر المفاصل الصغيرة الموجودة حول الفقرات، والتي تُساعد الشخص على التحرك والانثناء في كافة الاتجاهات “صعودًا وهبوطًا ويمينًا ويسارًا”.
وأشار إلى أن الضرر الذي يُصيب هذه المفاصل الصغيرة المُنتشرة عبر فقرات الظهر، يؤدي لانتفاخها بالماء طوال ساعات الليل وأثناء النوم، ما يعوق حركة الأعصاب المُلتفة حول العمود الفقري عن أداء عملها بعد تمددها ونشاطها عقب الإفاقة بعد ثُبات طويل ومتصل، موضحًا أن هذا الأمر هو السبب الرئيسي للشعور بالألم.
أسباب زوال الألم تلقائيًا والتفسير العلمي لذلك الأمر
وفسر الدكتور سامح أحمد صقر زوال الألم بعد ساعات من الاستيقاظ والشعور به للمرة الأولى، بأنه ناتج عن خروج الماء من الكبسولة المُحيطة بهذه المفاصل الصغيرة، موضحًا أن علاج هذه الحالة يعتمد على ثلاثة ركائز أساسية، لا غنى فيها عن واحدة لصالح الأخرى.
روشتة علاج آلام أسفل الظهر
وقدم “صقر” روشتة علاج “آلام أسفل الظهر”، والتي تعتمد في المقام الأول على التخلص من الوزن الزائد بطريقة صحيحة وعلمية، بعد استشارة الطبيب المُختص، فيما تمثل ممارسة الرياضة الشق الثاني من خطة التعافي، لتقوية عضلات وأعصاب المنطقة المُصابة.
وأوصى أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني بممارسة رياضة السباحة إن أمكن، مع المداومة على المشي بشكل مُنتظم، بالإضافة للحصول على بعض جرعات العلاج الطبيعي، للتخلص نهائيًا من آلام أسفل الظهر.
إقرأ أيضًا:
حمض البوليك.. “12 خطأً شائعًا” و3 نصائح لمرضى حصوات الكلى
ضيق القناة العصبية.. ووجه الاختلاف بينها ومرض شرايين القدمين
ضيق القناة العصبية هو أحد الأعراض المرضية، الشائعة في بعض الشرائح العُمرية، وغالبًا ما يحدث الخلط بينها وبعض الأعراض المُشابهة، ما يستدعي الاستماع لرأي المُتخصصين، في سبيل بدء مرحلة العلاج والتعافي بشكل سليم.
في البداية أكد الدكتور سامح أحمد صقر على وجود العديد من أوجه التشابه والاختلاف بين العديد من أمراض الظهر والعمود الفقري، وأشهرها ضيق القناة العصبية، وضيق شرايين القدمين، حيث يتسبب كلاهما في إحساس المريض بالألم بالجزء السفلي من الجسم، علاوة على وجود صعوبة في الحركة أو المشي بشكل متصل لمسافات طويلة.
وأوضح أن الأعصاب تنتشر داخل العمود الفقري لجسم الإنسان، عبر إنبوب طويل يُطلق عليه اسم “القناة العصبية”، والتي يتراوح اتساعها في الأعم الأغلب ما بين 13 إلى 15 مليمتر، وهو المدى الطبيعي لأي إنسان.
ولفت إلى أن أي تغير أو نُقصان في هذه “السعة”، يؤدي لشعور المريض بآلام في النصف الأسفل من جسده، بالإضافة لعدم قدرته على السير بشكل مُتصل، حتى لو كانت المسافة لا تزيد عن 50 مترًا، ما يضطره للجلوس والاستراحة، ثم مُتابعة المشي مرة أخرى وهكذا، وللتحايل على هذا الأمر يضطر إلى الانحناء قليلًا، حتى يستطيع مواصله المسير.
التفسير العلمي لمرض ضيق القناة العصبية
وفسر هذا الأمر بأن ضيق القناة العصبية يُشكل ضغطًا متواصلًا على الأعصاب المنتشرة داخلها، على طول العمود الفقري، وهو الأمر الذي يجعلها تُعبر عن نفسها، من خلال الاحساس بالألم وعدم القدرة على المشي أو الحركة.
وكشف “صقر” أن ضيق القناة العصبية غالبًا ما يكون عرضًا مُصاحبًا لكبار السن، مُشيرًا إلى أن الأعم الأغلب من الحالات، تحتاج إلى التدخل الجراحي، لتوسيع مجرى القناة، بالشكل الذي يتيح الحرية للأعصاب ويرفع الضغط والاختناق عنها.
أبرز الفوارق بين ضيق القناة العصبية وضيق شرايين القدمين
وأشار إلى أنه كثيرًا ما يخلط غير المُتخصصين بين الكثير من أمراض الظهر والعمود الفقري، والأمر عينه يحدث في حالتي “ضيق القناة العصبية” و”ضيق شرايين القدمين”، بسبب تشابه بعض الأعراض الثانوية لكلا العرضين، والتي تتمثل في عدم القدرة على الحركة، ووجود بعض الألم في منطقة النصف السُفلي من الجسم، مُشيرًا إلى وجود بعض الفوارق التي يمكن عن طريقها الفصل بينهما بسهولة.
وفرق أستاذ جراحة المخ والأعصاب، بكلية طب القصر العيني، بين “ضيق القناة العصبية” و”ضيق شرايين القدمين”، مؤكدًا أن أصحاب العرض الأخير، غالبًا ما يشكون من الشعور ببرودة الأطراف، وزُرقة في منطقة القدمين.