أعفان الجذور هي أحد المُعضلات التي تُعكر صفو الموسم الزراعي بالنسبة لشريحة كبيرة من العاملين بالنشاط الحقلي، نظرًا لأن ظهور أيًا منها يعني ضياع جهودهم وارتفاع نسبة الفاقد، والذي يترتب عليه خسائر اقتصادية لا يتحملها الغالبية العظمة منهم، ما يستدعي إلقاء الضوء على بعض هذه الأعراض المرضية، وكيفية التعامل معها بالشكل الأمثل.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور خالد عياد، مُقدم برنامج “العيادة النباتية”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور السيد حسين زيدان، أستاذ أمراض النبات المتفرغ بمعهد البحوث الزراعية البيولوجية، التابع للمركز القومي للبحوث، هذا الملف بالشرح والتحليل، لتبيان الأمراض التي تُصيب الحاصلات الزراعية، ومنها أعفان الجذور، وأبرز الفوارق التي تفصل بينها، وكيفية المكافحة البيولوجية لها.
نبذة تاريخية عن أعفان الجذور والأمراض البيولوجية
في البداية ألقى الدكتور السيد حسين زيدان، الضوء على الجذور التاريخية لاكتشاف أعفان البذور والأمراض البيولوجية التي تُصيب النباتات، والتي صاحبت الحضارة الفرعونية والأنشطة الزراعية التي قد كانوا يقومون بها منذ فجر التاريخ، موضحًا أنهم رصدوا الأعراض الظاهرية ووصفوها بشكل دقيق، بيد أن الوصول لطرق العلاج كان يتسم باستناده لبعض الخرافات السائدة في هذه العصور المُتقدمة.
وأوضح أن بداية الرصد الحقيقي وتتبع جذور الأمراض البيولوجية بدأ عام 1853 مع العالم الألماني ديباري، والذي رصد بدقة أسباب الجائحة التي أصابت أيرلندا آنذاك، وأدت لوفاة ما يقرب من 2 مليون شخص، والتي عزاها إلى ميكروب اللفحة المتأخرة التي أصابت محصول البطاطس، ليبدأ معه التأسيس الفعلي لعلم أمراض النبات.
الأمراض البيولوجية.. “مينارديت” وتسجيل أول مُبيد زراعي
انتقل الدكتور السيد حسينم زيدان إلى تحول جديد أسسه العالم الفرنسي مينارديت عام 1885، والذي شهد استخدام النحاس للمرة الأولى في علاج الأمراض البيولوجية، ليحقق طفرة كبيرة مع تسجيله لأول مُبيد يتم استخدامه مع النباتات، باستخدام كبريتات النحاس، والذي أطلق عليه حينها “مخلوط بوردو”، نسبة للمدينة الفرنسية الشهيرة.
موضوعات ذات صلة:
زيادة مياه الري.. علاقتها بـ”تعفن الجذور” وأفضل الحلول المتاحة
تطرق إلى أمراض أعفان الجذور، والتي عزاها إلى عدة أسباب، وعلى رأسها البذور المُستخدمة في الزراعة، والتي قد تحمل بداخلها البكتيريا المُسببة لانتشار هذا المرض، مُشيرًا إلى أن التربة أيضًا قد تكون مصدرًا أساسيًا لإصابة المحاصيل، ما يُحتم ضرورة معرفة تاريخها المرضي، ودراسة أنسب الحاصلات التي يمكن زراعتها فيها، للحد من مُعدلات الإصابة.
ولفت زيدان إلى أن إجراء الاختبارات المبدئية على الشتلات المُستخدمة قبل الزراعة، تُعد واحدة من أفضل طُرق المكافحة والوقاية، التي تُجنب المُزارعين الدخول في دوامة العلاج من آثار الإصابة بمرض أعفان الجذور، ما يُقلل من هامش الهوالك والخسائر الاقتصادية الناجمة عنها.
وأكد أن كل محصول زراعي له طُرق المقاومة الخاصة به، والتي قد تختلف من نبات لآخر، ما يتطلب التعرف على أبرز الفوارق بينها، وأفضل طُرق وتقنيات العلاج المُناسبة لكل منها، مع الالتزام بالتوصيات الفنية الواردة بهذا الشأن.
الأمراض البيولوجية.. التحليل أولى خطوات العلاج الصحيح
شدد الدكتور السيد حسين زيدان على أن التحليل وأخذ العينات، هو أول طريق العلاج الصحيح، والذي يُسهم في الوقوف على مدى وجود مُسببات أعفان الجذور المرضية من عدمه، ما يُسهم في اختيار سُبل العلاج الصحيحة، موضحًا أن نسب الإصابة الطبيعية المقبولة لا تتجاوز حدود الـ5%، مُشيرًا إلى أن ارتفاع هذه النسبة يُحتم اللجوء للمُختصين، لإنقاذ المحصول والموسم من الضياع.
لا يفوتك.. استراتيجية النهوض بالمحاصيل السكرية
المعاملات الزراعية في قفص الاتهام
واصل الدكتور السيد حسين زيدان عرضه لقائمة المُسببات المرضية، التي تُصيب الحاصلات الزراعية على مدار الموسم، موضحًا أن بعض حالات الإصابة تكون بسبب إجراء المعاملات الزراعية بشكل خاطىء، مثل التعطيش الزائد أو زيادة نسبة المياه المُستخدمة في الري عن الحدود المُثلى، طبقًا للتوصيات الفنية الواردة في هذا الشأن.
الصرف ومشكلة الميول
ولفت زيدان إلى أن تدنى مستوى شبكة الصرف، تكون أحد أسباب أعفان الجذور التي يمكن الرجوع إليها، وبخاصة لو كانت هذه الرقعة محل الشكوى بها “ميول”، ما يؤدي لتراكم بواقي المياه بها، والأمر عينه حال حدوث تسريب لمياه الصرف من الأراضي والأحواض المجاورة، والتي تُعجل بظهور الأمراض البيولوجية ومنها عفن الجذور، التي يمكن رصدها والإحساس بها بشكل واضح.
إقرأ أيضًا: