أشجار الفاكهة أحد المحاصيل الزراعية التي يهتم بها قطاع كبير من المُزارعين، وهو الأمر الذي يُحتم معرفة كافة تفاصيلها بشكل علمي دقيق، قبل الشروع في بدء النشاط الزراعي لها، نظرًا للتغيرات العديدة التي طرأت على هذا الملف، والتي قد تؤثر بالسلب على النتائج النهاية والحصاد الاقتصادي ككل في نهاية الموسم.
وخلال حلوله ضيفًا على الإعلامي سامح عبد الهادي مُقدم برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تناول الدكتور إسلام فرحات – أستاذ مُساعد قسم أشجار الفاكهة بالمركز القومي للبحوث – عن ملف أشجار الفاكهة بالشرح والتحليل، موضحًا مدى تأثرها بالتغيرات المُناخية، وأبرز المحاور التي يجب وضعها في الحُسبان، قبل بدء النشاط.
أشجار الفاكهة والتغيرات المُناخية.. مصر صاحبة صرخة التحذير الأولى
في البداية تحدث الدكتور إسلام فرحات عن التغيرات المُناخية وأثرها السلبي على المحاصيل الزراعية وأشجار الفاكهة، مؤكدًا أنهم أول من لفت إلى هذه المسألة خلال المشاركة المصرية بمعرض أجري إكسبو 2018، والتي تحدثت بشكل مُباشر وصريح عن تضرر كافة المحاصيل من هذه الظروف الجوية المُتقلبة، والتي هوت بإنتاجية العديد من النباتات والثمار إلى مُعدلات غير مسبوقة، بشكل يُهدد إقبال المُزارعين على إدراجها ضمن خريطتهم وأجندتهم الزراعية في المواسم التالية.
موضوعات ذات صلة:
محاصيل الفاكهة المتساقطة.. إليك تفاصيل التوصيات الفنية خلال شهر مارس
وأوضح أنهم تناولوا ملف تضرر أشجار الفاكهة وتحديدًا العنب جراء التغيرات المُناخية المُتلاحقة، والتي أثرت بالسلب على معدلات الإنتاجية وجودة المحصول النهائي خلال مواسم الحصاد، لافتًا إلى أنهم قدموا نظرة استباقية لهذا الملف الشائك في هذا الوقت.
وأكد الدكتور إسلام فرحات أن الدراسات المصرية الصادرة بهذا الشأن، كانت تتناول طرحًا مُغايرًا لكل التخوفات الدولية السائدة حينها، والتي لم تتجاوز الأثر السلبي للتغيرات المُناخية على ارتفاع منسوب مياه البحار، وغرق الدلتا وزيادة مُعدلات البخر في القطبين.
التغيرات المُناخية وأشجار الفاكهة.. العنب أول المُتضررين
وأشار إلى أن العلماء المصريين المُتخصصين في دراسة أشجار الفاكهة لاحظوا تدنيًا في مستوى إنتاجية أغلب المحاصيل، وبخاصة مُتساقطة الأوراق مثل العنب والمانجو، وهو الأمر الذي ربطوه بالتغيرات المُناخية التي تجلت بشدة في السنوات الأخيرة.
ولفت الدكتور إسلام فرحات إلى أن القاعدة المُتعارف عليها بشأن المُناخ المصري “حار جاف صيفًا، دفيء ممطر شتاءًا”، تغيرت إلى حد بعيد، بحيث أصبح فصل الصيف حارًا جدا وترتفع فيه معدلات الرطوبة عن مُعدلاتها القياسية المُتعارف عليها، فيما بات فصل الشتاء باردًا وممطرًا في بعض المحافظات دون الأخرى، وهي التغيرات التي أثرت على سلوك أشجار الفاكهة بالسلب.
وفسر الدكتور إسلام فرحات أسباب تضرر أشجار الفاكهة، موضحًا أن القاعدة المُتعارف عليها علميًا تربط بين الإنتاجية وتفاعل الجينات الموجودة داخل الأشجار بالوسط البيئي المُحيط، مؤكدًا أنهم قطعوا شوطًا كبيرًا لرفع معدلات الوعي لدى مُزارعينا، فيما يخص دراسة البيئة السائدة قبل الشروع في الزراعة، ومعرفة مدى تأثر النبات أو المحصول بالأنظمة الجوية والظروف المُناخية السائدة.
أسباب نجاح زراعة أشجار الفاكهة في محافظات الصعيد
أكد الدكتور إسلام فرحات على أن مناطق ومحافظات الصعيد وتحديدًا – أسيوط وطريق المنيا الغربي – من المناطق الواعدة في زراعة أشجار الفاكهة، وعزا ذلك الأمر إلى تباين درجات حرارة الليل والنهار، علاوة على توافر المياه الجوفية واعتدال درجات الملوحة فيها – ما بين 200 إلى 300 (parts per million ) ppm – وهو الأمر الذي أدى لنجاح زراعة العديد من المحاصيل مثل العنب، التين البرشومي، الزيتون، موضحًا أن الاختلاف الوحيد هو وجود تباين في طبيعة ودرجات وملوحة التربة بين محافظة وأخرى.
إقرأ أيضًا:
حبة الغلة.. فوائدها ومخاطرها وحقيقة منع تداولها في الخارج
ولفت إلى وجود اختلافات بينية بالنسبة لعامل درجات الحرارة ما بين مُحافظات الوجهين القبلي والبحري، حيث يتسم الأول بارتفاع درجات الحرارة نهارًا وانخفاضها الشديد ليلًا، ما يعني زراعة بعض الأصناف – ذات المقاومة العالية – دون غيرها.
وضرب الدكتور إسلام فرحات المثل بالتوسع العشوائي في زراعة أصناف العنب الملونة مثل الفليم سيدلس، على حساب الأصناف البيضاء السوبريور والإيرلي سويت، ما أدى لعدم وصول هذا المحصول إلى معدلات النضج أو التلوين القياسية المُتعارف عليها، بالمقارنة بمثيله الذي تتم زراعته في مناطق الوجه البحري مثل الخطاطبة والإسكندرية، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، والتي أثرت بالسلب على إنتاجية وجودة هذا الصنف أثناء فترة النضج.
أهمية استشارة أهل الخبرة قبل بدء موسم زراعة أشجار الفاكهة
شدد الدكتور إسلام فرحات على أهمية استشارة بيوت الخبرة قبل الشروع في زراعة أشجار الفاكهة، وذلك للوقوف على أفضل الأصناف والسلالات المُتاحة لبدء النشاط، علاوة على معرفة مدى ملائمتها للظروف الجوية والبيئة السائدة.
تحليل التربة والمياه ودراسة المناخ
لفت الدكتور إسلام فرحات إلى أهمية القيام ببعض الإجراءات قبل الشروع في زراعة أشجار الفاكهة أيًا كان نوعها، وأبرزها تحليل التربة والمياه، مؤكدًا أن مثل هذه الاختبارات باتت من بديهيات النشاط الزراعي، وليست ضمن الرفاهيات كما كان يعتقد البعض، وذلك لاختيار أفضل الأصناف التي يمكنها النجاح، وتحقيق أعلى مُعدلات الإنتاجية والجودة القياسية.
وأوضح أن الأمر عينه بالنسبة لبعض الإجراءات الأخرى الواجب على المُزارعين الانتباه إليها مثل دراسة عوامل المُناخ، وموجات الرياح والعواصف الرملية، في المنطقة التي سيبدأ فيها نشاطه الزراعي، وهي المعلومات التي تزفرها المعاهد الرسمية المُتخصصة مثل المعمل المركزي لدراسات المُناخ.
لا يفوتك مُشاهدة هذا الفيديو: