أزمة الدواجن واحدة من أهم الإشكاليات التي طفت على السطح مرة أخرى، بعد فترة طويلة من الاستقرار، أعقبت التعافي من “أنفلونزا الطيور”، حققت فيها هذه الصناعة العديد من المكاسب، وصولًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي وإيفاء مُتطلبات السوق المحلي من الطيور ومُنتجاتها.
أزمة الدواجن تصاعدت وتيرتها بسبب تداعيات الحرب “الروسية – الأوكرانية”، وما نجم عنها من قفزات مُتسارعة، أثرت بشكل مُباشر على أسعار العلف، التي نستورد النسبة الأكبر منها، ما وضع هذه الصناعة الضخمة في مُفترق الطرق، ما بين استمرار نزيف الخسائر، أو الخروج من تلك المُعادلة، والتوقف لحين توفيق الأوضاع.
ضغطت أزمة الدواجن الأخيرة على المواطن البسيط وجموع المُربين بشدة، كونها واحدة من أهم أضلاع منظومة الأمن الغذائي، وركائز توفير البروتين الحيواني الأرخص سعرًا، مُقارنةً بباقي الخيارات المُتاحة أمام المُستهلك.
أزمة الدواجن وتأثيرها على المواطن العادي
تحدث الدكتور عبد العزيز السيد – رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة – عن أبرز التحديات التي تواجه هذه الصناعة الهامة، والتي تؤثر على جميع أضلاع هذه المنظومة الاقتصادية، وتمتد آثارها السلبية وصولًا إلى المواطن والمُستهلك العادي، وذلك خلال مُداخلة هاتفية مع الإعلامي سامح عبد الهادي، مُقدم برنامج “الزراعية الآن”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية.
وأكد الدكتور عبد العزيز السيد أن أزمة الدواجن انتقلت من مرحلة المُعضلات القابلة للحل، لتدخل ضمن نطاق “الكوارث الاقتصادية” بالنسبة لجموع المُربين، موضحًا أن آثارها ستؤثر على المُستهلك بشكل ملموس، ما لم يتم التحرك بالسرعة الكافية، لتدبير حلول جذرية عاجلة.
خروج مصانع الأعلاف من المنظومة
عزا رئيس الشعبة بالغرفة التجارية بالقاهرة أسباب تفاقم أزمة الدواجن، إلى خروج عدد كبير من مصانع الأعلاف من المنظومة الحاكمة لهذه المُعادلة الاقتصادية، ما ضاعف من حجم المُشكلة التي يُعاني منها السوق المحلي حاليًا.
خروج “الأمهات”
قدم “السيد” شرحًا مُبسطًا لأحد التحديات التي تواجه صناعة الدواجن، وفي مُقدمتها خروج “الأمهات” من المنظومة، بسبب عدم وجود مُشترين لنواتج هذه الصناعة المُتمثلة في “الكتاكيت”، لعدم توافر الأعلاف الضرورية واللازمة لإتمام مراحل التربية سواء للتسمين أو إنتاج البيض.
موضوعات قد تهمك
تربية الدواجن.. التغيرات المناخية وأنظمة التربية والتغذية وعلاقتها بانتشار الأمراض
تربية الدواجن.. دراسة جدوى المشروع وأسباب تفوق “البياض” عن “التسمين”
شحية مُستلزمات الإنتاج
أوضح “السيد” أن هناك شحية شديدة في توافر مُستلزمات الإنتاج، برغم الحل الجزئي الذي تم الوصول إليه، لافتًا إلى وجود عجز يصل إلى 35% من مُدخلات صناعة الدواجن، المُمثلة في العلف، ما أدى لارتفاع الأسعار بشكل يفوق الأسعار العالمية.
ارتفاع أسعار العلف لمُعدلات غير مسبوقة
ضرب رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة عدة أمثلة للتدليل على ارتفاع أسعار العلف بشكل يفوق قدرة غالبية المُربين على الاستمرار، وأبرزها وصول أسعار العلف إلى مُعدلات غير مسبوقة – الفول الصويا إلى 27 ألف جنيه، والذرة إلى 11 ألف – ما يعبر بوضوح عن حجم أزمة الدواجن.
السيولة الدولارية ومتطلبات الإفراج الجُمركي
برر “السيد” تفاقم أزمة الدواجن والصناعة الخاصة بها بشحية المُدخلات، بالإضافة لعدم وجود السيولة الدولارية الكافية، التي تسمح بالاستيراد العلف لتعويض هذا النقص بشكل يسمح بالاستمرار دون أي مُعوقات يستشعرها المُنتج والمُستهلك.
وسلط رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة الضوء على أسباب أزمة الدواجن بشكل أكثر وضوحًا، مؤكدًا وجود ما يصل إلى 2 مليون طن علف – 1.5 طن ذرة + 0.5 طن صويا – مُعلقة بالموانىء، نظرًا لعدم وجود السيولة الدولارية الكافية لإنهاء إجراءات الإفراج الجُمركي، وهي الكفيلة بتدبير احتياجات التشغيل لفترة لا تقل عن 45 يوم.
وأوضح أن الشركات الكبرى تقوم بتوريد شُحنات العلف التي يتم التعاقد عليها، بعد دفع 10% من قيمتها الإجمالية، فيما لا يتم الإفراج الجمركي عنها، إلا بعد وصول باقي تكلفتها إلى البنك، وهو الأمر الذي لم يكن مُتاحًا خلال الشهرين الماضيين، بسبب عدم وجود السيولة الدولارية الكافية لإتمام هذا الإجراء.
إقرأ أيضًا
تربية الدواجن.. أفضل 5 أنواع مقاومة للحرارة والأمراض ومنافذ توزيعها
أسعار الدواجن.. “خبير” يطالب بوضع آليات واضحة لتحديد قيمة التداول
إلغاء ضريبة القيمة المُضافة.. أبرز مطالب شُعبة دواجن القاهرة
طالب “السيد” بضرورة اتخاذ خطوات فاعلة، من قِبل الجهات المعنية، مُمثلة في وزارات الصناعة والتجارة والتموين والزراعة، لتدبير احتياجات هذه الصناعة الضخمة، التي تُسهم في تأمين سلة الغذاء البروتيني للمُواطنين، وتوفير ما يقرب من 3.5 مليون فُرصة عمل.
واختتم رئيس شعبة الدواجن بالغرفة التجارية بالقاهرة مُداخلته بالمُطالبة برفع الـ14.5%، التي يتم فرضها كقيمة إضافة على المولود، والتي تُشكل حِملًا اقتصاديًا إضافيًا على المُنتجين، كما عبر عن أمنياته بتحقيق انفراجة سريعة، واستنباط حلول جذرية، تحول دون استمرار أزمة الدواجن، أو تكرارها مرة أخرى في المُستقبل، بما يؤثر على منظومة الأمن الغذائي للمواطن.
لا يفوتك