تعتبر قضية التغيرات المناخية واحدة من اكثر الحالات الطارئة عالميا تأثيرا على دول العالم حيث تهدد الأمن الغذائي بانخفاض نسب توافر المياه وهطول الامطار التي تقلل من انتاجية الزراعة (نبات & حيوان) وزيادة الآفات وأمراض النبات
أصبح تغيّر المناخ أمرا واقعاً تعيشه كافة شعوب الأرض ، هناك أدلة متزايدة على تغيّر مناخي إقليمي طويل المدى في عدة أجزاء من البلاد.
ماذا يجب علينا عمله في مصر لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية؟
– تحتاج ظاهرة التغيرات المناخية في التعامل معها دراسة ٣ قطاعات مهمة، أولها التحليل والدراسة العلمية للمشكلة، والثانية تحديد آثار المشكلة علينا وعلى المجتمع، والثالثة تتعلق بالسياسات والإجراءات التي يتم اتخذها في سبيل تحقيق هدفين رئيسيين، الأول يتعلق بمنع المشكلة قبل أن تتم أو التقليل منها، وهو ما يطلق عليه «Mitigation»، والثاني يتعلق بحالة عدم استطاعة التعامل مع المشكلة والاكتفاء بتقليل الأضرار الناجمة عنها، وهو ما يُسمى «Adaptation»،
استراتيجية تنويع القطيع وتربية أنواع وسلالات حيوانية متكيفة مع المناخ وسوف يؤدي تغيّر المناخ إلى زيادة الحاجة للحفاظ على الموارد الوراثية الحيوانية المحلية المقاومة لدرجات الحرارة والأمراض ومن المرجح أن تزداد أهميتها في المستقبل. وسائل التخفيف من آثار تغير المناخ كثيرة منها اختيار السلالات الأسرع نموا، زيادة كفاءة تحويل الأعلاف وتحسين معامل هضمها.
يواجه المربي تحديات عديدة منها نقص المدخلات التقنية كالعلف وضعف الرابط التنظيمي بين المزرعة والسوق والاستثمارات العامة في البنية التحتية. أيضا تشكل القضايا ذات الصلة بجودة وسلامة المنتج فضلا عن القيود التجارية ونقص المعلومات عن أسواق التصدير والسياسات تحديات اضافية. كذلك يعتبر الصراع على المياه والأراضي التي تستخدم كممرات للثروة الحيوانية من التحديات التي تزيد من الخطر القادم على الثروة الحيوانية . وللتغلب على هذه التحديات يجب تبني استراتيجيات انتاج وتسويق فعالة.
وحاليا أصبحت التغيرات المناخية ارتفاع (الحرارة والرطوبة ) ظاهرة تشغل العالم ، أخيرا موجه الحر الشديد في معظم أنحاء العالم وغيرها وأصبحت الزراعة المصرية مهددة بشكل واضح بما يترتب على نتائج التغيرات المناخية المحتملة من أثار سلبية . حيث عانت الثروة الحيوانية عديد من الازمات الناتجة عن ارتفاع أسعار التغذية ( تكلفة الاعلاف).
وتعتبر مصر من أكثر دول العالم تأثرا بما يحدث من التغيرات المناخية نظرا لموقعها وتأثرها بالتغيرات المناخية خاصة في دول حوض النيل ، حيث يؤدي ارتفاع درجات الحرارة الى اختلاف في توقعات الدورة الزراعية الامر الذي يؤثر على الانتاجية وبالتبعية على توفر الغذاء للحيوان.
تأثير التغيرات المناخية على الثروة الزراعية في مصر
للتغيرات المناخية أثر شديد بسبب الاعتماد على الموارد الطبيعية وخاصة على ( الزراعة ، الانتاج الحيواني ) وهي من أكثر القطاعات الاقتصادية حساسية للتغيرات المناخية مما يؤثر على التنمية الزراعية وقد تتسبب في زيادة خطر الانقراض لبعض الاجناس وتدهور التنوع الحيوي . حيث يأتي التأثير على مصادر المياه سببا رئيسيا للتأثير على الزراعة لما يمثله نهر النيل كمصدر أساسي للمياه في مصر ، حيث يمثل أكثر من 95% من مصادر المياه بينما تمثل الامطار على الساحل الشمالي والمياه الجوفية 5% وتستهلك الزراعة حوالى 70% على الاقل من مصادر المياه . ونظرا لان الزراعة في مصر هى عماد الثروة القومية حيث تمثل حوالى 20% من الدخل القومي ونظرا للزيادة المستمرة في عدد السكان ومحدودية الارض الزراعية وحساسية بعض المحاصيل للتغيرات المناخية فإن الانتاج الزراعي في مصر (نباتي ، حيواني) لا يكفي لسد الاحتياجات المحلية ، حيث أن زيادة درجات الحرارة، تغير الترددات ومواعيد الموجات الحرارية والباردة سوف يؤدى الى نقص الانتاجية الزراعية لبعض المحاصيل الزراعية في مناطق كانت تجود فيها لذا يجب النظر في تعديل الخريطة الزراعية .
ونستطيع أن نستدل على آثار التغيير المناخي للأرض من خلال ما نشهده من زيادةٍ في عدد الكوارث الطبيعية، واختفاء بعض الجزر بسبب ارتفاع مستوى البحر، كما أن عدد الحيوانات المهددة بالانقراض في ازدياد مستمر، وذلك لعدة أسبابٍ أهمها أن التغييرات المناخية الجديدة تفرض عليها ظروفًا يجب التعايش معها، وقد لا يعود موطنها الحالي ملائمًا ومريحًا، كما أنها قد تضطر إلى تغيير بعض عادات التكاثر والغذاء للتكيف مع الظروف المستجدة، إضافةً إلى تأثيرات ارتفاع منسوب مياه البحر والمحيطات وتلوث الهواء والنفايات وانبعاثات الغازات الدفيئة السلبية على مواطنها وغذائها.
المخاطر المتوقع حدوثها على منطقة دلتا النيل نتيجة التغيرات المناخية
ارتفاع درجات الحرارة يؤثر على صحة الحيوان وقدرته على الانتاج من الالبان ، اللحوم وكذلك احتمال زيادة الامراض المرتبطة بنوعية المياه ، الاعلاف ، مع انخفاض كمية الاعلاف المنتجة ويوثر المناخ على الثروة الحيوانية من خلال تأثر الحيوان بالحرارة مما يؤثر على الانتاجية للحيوان .
تأثير ارتفاع درجة الحرارة العالية على الانتاج والخصوبة لماشية اللبن
من المعروف أن الأبقار مع الإجهاد الحرارى تواجه تغيرات في كيميائية الدم تؤثر تأثير سلبيا على فسيولوجيا الجسم، وأداء وظائف أعضاء الجسم مما يتسبب في انخفاض نسب الخصب في الأبقار مما يجعل فترة الصيف مؤثرة على عمية الخصوبة والتناسل للحيوانات ، وبالتالي انخفاض معدل الولادات ومحصول اللبن والعجول الناتجة .
تؤثر درجة الحرارة العالية تأثيرا شديدا على القدرة التناسلية للأبقار مثل (تأخر سن البلوغ ، نوعية السائل المنوي رديئة ، عدم انتظام دورات الشبق ) .
كما تنخفض نسبة الخصوبة للأبقار .
تأثير الإجهاد الحرارى على النظام الهرموني يؤدي الي تأخر عملية التبويض في الأنثى، وكذلك لنقص الرغبة الجنسية في الذكور بالإضافة الي فقد الشهية وقلة افراز هرمون الغدة الدرقية، وبالتالي خفض معدل التمثيل الغذائي في الجسم، وبالتالي قلة إنتاج اللبن.
بالإضافة لما سبق فان تأثير الإجهاد الحرارى لا يؤثر فقط على انتاج اللبن وانخفاض نسبة الخصوبة بل يتعدى إلى تهديد حياة الأبقار من خلال التأثير المباشر على حياة الحيوان بتغيير حموضة الدم مما يؤثر على ضعف كفاءة التنفس ويؤثر ذلك على كفاءة اداء القلب ووظائف الكلى ويحدث ما يسمى ضربة الشمس التي تمثل خطورة شديدة على حياة الحيوان لو لم يتم انقاذه وعلاجه مبكرا.
مما تقدم نلاحظ مدي تأثير التغيرات المناخية علي التنمية المستدامة للثروة الحيوانية ، جودة المنتجات الحيوانية ، تنمية الموارد الحيوانية ، تأثير درجات الحرارة المرتفعة على انتاجية الحيوان وصحته
التحديات
تأثيرات سلبية على المناطق الزراعية وزيادة معدلات التصحر
زيادة درجات الحرارة سوف تؤدى الى زيادة البخر وزيادة استهلاك المياه
نقص الانتاج الحيواني في مصر مع أمكانية اختفاء سلالات متميزة في الانتاج
تأثيرات اجتماعية واقتصادية متمثلة في هجرة العمالة الزراعية في المناطق الهامشية
تأثيرات مرضية تصيب المحاصيل نتيجة التغيرات المناخية نظرا لحدوث بعض التبدلات الوظيفية والحيوية في النبات العائل مع تغير في سلوك الحشرات نتيجة الدفء الحراري والتغيرات المناخية مما قد يؤدي الى قصر دورة حياة الحشرات وتزايد أعداد تجمعاتها بسرعة كبيرة ، لذا فإن الزراعة من أكثر الانظمة البيئية تأثرا بأخطار التغير المناخي نظرا لانخفاض إنتاجية الحاصلات الزراعية وزيادة استهلاكها من المياه .
سبل المواجهة
– تقدير الاتجاهات في تأثيرات تغير المناخ على الامن الغذائي (نباتي & حيواني)
– ادارة تقلب المناخ ومخاطرة ، التنبؤات الموسمية ، التامين القائم على المؤشرات وخدمات المعلومات المناخية
– تسريع التكيف مع تغير المناخ التدريجي عن طريق الزراعة الذكية ، تطوير التكنولوجيا والممارسات الزراعية
– التحولات الى النظم الحديثة في الزراعة لإنتاج زراعي مكثف
– تقييم الامن الغذائي في المستقبل عن طريق ( التبصر ، والتنبؤ ، استكشاف المستقبل )
– تطوير التقنيات الجديدة المستخدمة لتنمية قطاع الزراعة (التكنولوجيا الحيوية ، الذكاء الاصطناعي
وتعتبر ماشية اللبن من أكثر أنواع الانتاج الحيواني التي تتأثر بارتفاع درجات الحرارة حيث تؤثر درجه الحرارة العالية علي صحة وإنتاج الابقار وللتغلب على تلك التحديات الاجهاد الحراري للأبقار (الحرارة ، الرطوبة ) :
بالنسبة للمربي
أولا : للتغذية
1- زيادة عدد مرات التغذية مع تقديم العليقة بكمية أكبر خلال الصباح الباكر والمساء المتأخر لانخفاض درجات الحرارة في ذلك الوقت فيقبل الحيوان على تناول العليقة .
2- من الضروري استخدام مواد مالئة جيدة وعالية القيمة الغذائية ، سهلة الهضم ومستساغة مثل السيلاج والبرسيم الاخضر لتغذية الابقار الحلابة عليه على ان تكون الكميات المقدمة للحيوان في حدود 30-40% من اجمالي العليقة المقدمة يوميا .
3- عدم زيادة نسبة البروتين في العليقة عن 18% ، مع ضرورة ان تكون الاعلاف المقدمة طازجة بصفة دائمة .
4- الحفاظ على مستوي الاملاح المعدنية بالعليقة بوتاسيوم 1.5 % ، صوديوم 0.5% ، ماغنسيوم 0.4 % من المادة الجافة المأكولة مع ضرورة أضافة الفيتامينات اللازمة للعليقة .
5- زيادة استخدام منظمات الكرش مثل بيكربونات الصوديوم مع استخدام الاضافات الغذائية ( أنزيمات هاضمة للألياف ، خمائر ) وكذلك مضادات السموم الفطرية
6- مراعاة النظافة الدائمة للمعالف باستمرار من بقايا الاعلاف مع تجديد العلف المقدم باستمرار .
ثانيا : مياه الشرب
• ضرورة توافر مياه الشرب للتغلب على الاجهاد الحراري لأبقار أنتاج اللبن
• ضرورة تظليل أحواض الشرب على مدار اليوم
• مراعاه أن يكون ماء الشرب حرارته ليست عالية
• عزل خزانات مياه الشرب
ثالثا : الايواء
• للتغلب على الظروف الجوية القاسية يجب تحسين الايواء لحيوانات ماشية اللبن
• ضرورة عدم تعرض الابقار لأشعة الشمس المباشر
• تظليل المعالف وأحواض الشرب على أن يكون ارتفاع المظلة في حدود 3.5- 4 متر .
• زيادة المساحة المخصصة لكل بقرة
• عزل المباني وخاصة الاسقف
• استخدام مراوح للتبريد
ملاحظة
• يفضل زيادة نسب الاستبدال في الابقار بعجلات مولودة ومرباه محليا
• يفضل استيراد الابقار من أماكن حارة ومشابهة للظروف المناخية في مصر
• الاستيراد أواخر الخريف وبداية الشتاء من أكتوبر حتى نوفمبر
سبل المواجهة على مستوي التعاون بين جميع الجهات العامة والخاصة
• الادارة البيئية المتكاملة مع الاخذ في الاعتبار مشاكل التغيرات المناخية المتوقعة
• تقليل الانشطة البشرية شمال الدلتا الى أقل قدر ممكن باستخدام نظم الزراعة الذكية .
• منع تجريف التربة ونقل الرمال من مناطق الدلتا
• المحافظة على الاراضي الرطبة شمال مصر كوسيلة للحماية الطبيعية للأراضي الزراعية المنخفضة في الدلتا .
• تكثيف الدراسات والبحوث العلمية لاستنباط سلالات نباتية وحيوانية تتحمل الاجهاد الحراري الناتج عن ظاهرة التغيرات المناخية ، مع الاهتمام بأجراء الدراسات والبحوث العلمية المتخصصة لتبني أنماط جديدة من المحاصيل الزراعية والدورات الزراعية التي تتناسب مع هذه التغيرات .
• أنشاء قاعدة بيانات متكاملة لأجراء البحوث والدراسات طبقا لخطة واضحة
• استخدام التكنولوجيا الصديقة للبيئة ومنها نظم أدارة القرار IPM ، نظم أتخاذ القرار DSSلحل مشاكل تغير المناخ في القطاع الزراعي .
• تكثيف العلاقات مع الدول الافريقية ودول حوض النيل بشكل خاص وتنمية العلاقات التعاونية معها .
• بث الوعي المجتمعي بأهمية مواجهة التغيرات المناخية وأبعاد هذه الظاهرة .مع تدريب المواطنين على كيفية التعامل مع أخطار البيئة
• تشخيص الدراسات المحلية على أثر ظاهرة التغير المناخي ، قياسها ، مواجهتها بالطرق الحديثة عن طريق التنبؤ بحجم المحصول، الوقت المناسب للعملية الزراعية، تقليل استخدام المبيدات.
• وضع استراتيجية مبنية على المعرفة وتطبيق التكنولوجيات في مجال الزراعة بالتعاون مع جميع المؤسسات الموجودة في مصر حيث يوجد بمصر العديد من المؤسسات والجامعات والمعاهد العلمية والهيئات التنفيذية على المستويين المركزي والمحلي والجمعيات الأهلية القادرة على تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمواجهة التغيرات المناخية إلى جانب الوفاء بالالتزامات الإقليمية والدولية في هذا المجال . ومن بين تلك المؤسسات مركز البحوث الزراعية، مركز بحوث الصحراء، الجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي، مركز البحوث المائية، المركز القومي للبحوث، هيئة الاستشعار عن بعد، جهاز شئون البيئة.
بعض النصائح لمربي الماشية لتفادي تأثير الاجهاد الحراري
o ضرورة تواجد الحيوانات تحت مظلات بعيدة عن أشعة الشمس المباشرة خاصة خلال فترة الظهيرة.
o مراعاة تغيير مياه الشرب للحيوانات على فترات قصيرة
o ضرورة توافر الاعلاف اللازمة التي تتوافق مع ظروف الاجهاد الحراري
o مراعاة حماية الحيوانات بمظلات مناسبة ومرتفعة لزياده التهوية
o عمل نظام رش ضبابي باستخدام المياه ورشها على جسم الابقار لتقليل الاجهاد الحراري خلال فترة ارتفاع الحرارة لتقليل الاجهاد الحراري على الحيوان .
اخيرا مع تزايد الاهتمام بظاهرة التغيرات المناخية ، وتأثيراتها المتوقعة سواء في المستقبل القريب أو البعيد بات من الضروري أهمية الاستعداد لمثل هذه التأثيرات المتوقعة ، وخاصة لما لهذه التأثيرات من دور عظيم الأثر على التنمية المستدامة بأبعادها المختلفة ، حيث من المتوقع أن يكون لهذه الظاهرة أبعاد عميقة الأثر على دفع عجلة التنمية في قطاعات كبيرة ومنها قطاع الانتاج الحيواني الأمر الذي قد يترتب عليه تهديد للأمن الغذائي في مصر .
لذا كان من المهم إدماج التأثيرات المتوقعة لظاهرة التغيرات المناخية ، وإجراءات مواجهتها في جميع محاور الخطة المستقبلية للنهوض بالإنتاج الحيواني .
مع دراسة خطط التنمية الشاملة المرتبطة بالتغيرات المناخية ، وتحديد التباين ما بين التخطيط وإجراءات مواجهة هذه الظاهرة على مختلف القطاعات لمواجهة هذه الظاهرة من جميع المحاور ، وعلى كافة القطاعات .
إعداد
د/ صفاء صلاح سند
باحث أول بقسم بحوث تربية الابقار
معهد بحوث النتاج الحيوانى
المصدر
عدد شهر يناير من الصحيفة الزراعية الصادرة عن إدارة الثقافة الزراعية بقطاع الإرشاد الزراعي
اقرأ أيضا
وزير الزراعة يترأس مجلس إدارة هيئة التعمير والتنمية الزراعية
وزير الزراعة يبحث مع رئيس هيئة الاستثمار الفرص المتاحة في الأنشطة الزراعية المختلفة
مستشار وزير الزراعة يقدم 3 توصيات للزراعات لاستيفاء ساعات البرودة
لا يفوتك