آفات الحبوب المخزونة واحدة من المُعضلات التي كانت تُشكل هاجسًا مؤرقًا لجموع المُزارعين، نظرًا لأضرارها الصحية والغذائية الخطيرة، علاوة على حجم الخسائر المُباشرة الناجمة عنها، والتي كانت تستدعي إدراكاً وتعاملًا واعيًا، طبقًا للتوصيات الواردة بشأنها، للحد من حجم النزيف الاقتصادي المُترتب عليها.
وخلال حلوله ضيفًا على الدكتور حامد عبد الدايم، مُقدم برنامج “صوت الفلاح”، المُذاع عبر شاشة قناة مصر الزراعية، تحدث الدكتور عادل عبد اللطيف – أستاذ قسم بحوث آفات الحبوب المخزونة، ومدير معهد بحوث وقاية النباتات الأسبق – عن ملف آفات الحبوب باستفاضة، لبيان حجم الأضرار الناجمة عنها، وأفضل الطُرق والتوصيات التي يتوجب اتباعها، وأبرز الأخطاء الشائعة، التي يقع فيها بعض المُزارعين، بعد انتهاء موسم الجمع والحصاد.
آفات الحبوب المخزونة.. أبرز أسباب الإصابة
في البداية أوضح الدكتور عادل عبد اللطيف أن آفات الحبوب المخزونة تندرج تحت رتبة الآفات الأولية، موضحًا أنها تُمثل تهديدًا مُباشرًا لمحصول القمح والحبوب السليمة، بعد إتمام مُعاملات الجمع والحصاد، وتضم خمسة أنواع “سوسة الأرز، سوسة القمح، خنفساء الصعيد، فراشة الحبوب، وثاقبة الحبوب الصُغرى.
ولفت إلى أن بعض هذه الآفات يُصيب محصول القمح وهو لم يزل في الحقل، مثل سوسة الأرز وسوسة القمح، أو بعد انتقاله إلى أماكن التخزين مثل ثاقبة الحبوب الصُغرى وخنفساء الصعيد، وإن كانت الأخيرة تتمتع بميزة إضافية، تتمثل في قدرتها على الطيران من أماكن التخزين، ووضع بيضها على المحصول في الحقول القريبة.
وحصر “عبد اللطيف” أسباب الإصابة بـ”آفات الحبوب” المخزونة في ثلاثة نقاط:
1. بقايا المحصول “المُصابة” والموجودة داخل أماكن التخزين من المواسم السابقة
2. أماكن تخزين غير مُعقمة ولم يتم تطهيرها وفق القواعد والاشتراطات الصحية المُوصى بها
3. الإصابة قادمة مع المحصول من الحقل
آفات الحبوب.. أفضل التوصيات وطرق التخزين الصحيحة للصوامع الطينية
قدم الدكتور عادل عبد اللطيف عدة توصيات، للحد من أضرار آفات الحبوب المخزونة، وتقليل مُعدلات الهدر والفاقد الناجمة عنها، علاوة على زيادة درجة الآمان الصحي لهذه المحاصيل الاستراتيجية، سواء كانت داخل أماكن الخاصة بالمُزارعين، أو بصوامع التخزين الحكومية.
وألقى الضوء على الصوامع الطينية التي جرى العُرف على استخدامها منذ عدة عقود على يد قُدامى المُزارعين، وكانت تحوي فتحة رأسية خاصة بالتجميع، وأخرى سفلية لتفريغ المحصول، موضحًا أن هذه التقنية على بساطتها الشديدة، إلا أنها كانت تؤتي نتائج باهرة، نظرًا لاعتمادها على سد جميع منافذ التهوية المُتاحة، ما يُقلص فُرص حياة الآفات والحشرات، التي تمكنت من الدلوف إليها أثناء التخزين.
آليات عمل الصوامع الطينية ومميزاتها
وشرح أستاذ قسم بحوث آفات الحبوب المخزونة آلية عمل الصوامع الطينية، والتي تعتمد على منع نفاذ الهواء، ما يؤدي لاستهلاك الأُكسجين داخلها، وزيادة مُعدلات ثاني أكسيد الكربون جراء تنفس جنين الحبوب، ما يؤدي لاختناق أي حشرة أو آفة وموتها بمرور الوقت.
وسائل التخزين المُتاحة للمُزارعين
حصر الدكتور عادل عبد اللطيف سُبل التخزين المُتاحة للمُزارعين، في أربعة طُرق كالتالي:
1. براميل صلب معدنية
2. براميل بلاستيكية
3. براميل كرتونية
4. أجولة خيش خشنة ونظيفة
موضوعات قد تهمك:
تعفير القمح.. مخاطر القيام بهذا الإجراء قبل التخزين وعواقبه الصحية
طُرق التخزين بتقنية الجو المُحكم
أوصى “عبد اللطيف” باتباع عدة خطوات لضمان سلامة المحصول من آفات الحبوب، ولخصها في النقاط التالية:
1. تهوية المحصول بعد الحصاد ما بين 24 إلى 48 ساعة لضمان التخلص من نسب الرطوبة الزائدة
2. ملأ البراميل المُستخدمة بالحبوب حتى فتحتها العلوية
3. ضغط الحبوب داخل البراميل لأقصى درجة، لضمان تفريغها بالكامل من الهواء
4. إحكام غلق البراميل المُستخدمة مع وضع شريط لاصق حولها فتحتها العلوية
ونوه إلى أن الظروف المُناخية ودرجات الحرارة والسطوع الشمسي المُتاحة خلال هذه الفترة من شهر مايو، تُعد هي الأجواء المثالية للنزول إلى الحد الأدنى المطلوب من المحتوى الرطوبي الآمن، الذي يضمن عدم وجود أي إصابات حشرية.
التخزين عبر “الطُرق الوقائية” الشائعة
انتقل الدكتور عادل عبد العال إلى طُرق التخزين الوقائية الشائعة، موضحًا أن بعض المُزارعين يعمد إلى خلط “رماد الأفران” أو ذرات الملح الخشن أو الرمال مع المحصول، كوسائل تقليدية مُتوارثة لمُكافحة آفات الحبوب.
وأوضح أن هذه الطُرق آمنة على المحصول، لأنها المواد المُستخدمة فيها سواء “رماد الأفران، الرمال، الملح”، تتكون جميعها من ذرات بلورية، تؤدي لجرح وخدش الجسد الشمعي الخارجي للحشرات، ما يؤدي لوفاتها وتقليل حدة أضرارها، مُشيرًا إلى درجة الحماية المُتاحة هنا لا تتجاوز الـ90% بأي حال من الأحوال، ما يعني وجود هامش لا يمكن الاستهانةبه لمعدلات الهدر والفقد.
إقرأ ايضًا:
أقراص غاز الفوسفين.. ضوابط استخدامها وإجراءات الحد من انتشارها
حبة الغلة وأبرز المحاذير الخاصة باستخدام المُبيدات مع القمح
حذر “عبد اللطيف” جموع المُزارعين من استخدام المُبيدات أثناء تخزين محصول القمح، موضحًا أنه لا يمكن فصل هذه المواد الكيميائية “شديدة السُمية”، بعد خلطها بالحبوب، ولافتًا إلى خطأ شائع يلجأ إليه البعض، عن طريق غسل الحبوب بالماء، لإزالة المواد الكيميائية العالقة بها، موضحًا أن هذا الأمر يؤدي لنتائج كارثية نتيجة لتسرب وتشرب هذه الحبوب بكافة المُركبات المُستخدمة، والتي تنتقل للإنسان بالتبعية، حال تناوله الدقيق الناتج عن طحن القمح، وتصيبه بالعديد من الأمراض.
ورشح أستاذ قسم بحوث آفات الحبوب المخزونة “حبة الغلة” أو “غاز الفوسفين” لتكون هي البديل الأمثل للمُبيدات والمرُكبات الكيميائية، على أن يتم اتباع الخطوات التالية حال استخدامها:
1. تخزين الحبوب داخل الأجولة أو البراميل حتى فوهتها العلوية
2. ضغط الحبوب والتأكد من إفراغ الهواء بالكامل
3. وضع “حبة الغلة” أو “غاز الفوسفين” بقطعة قماش داخل مُنتصف البرميل أو الجوال المُستخدم
وأكد أن مزايا “حبة الغلة” أو “غاز الفوسفين” تكمن في عدم تركه لأي آثار أو مُتبقيات على الحبوب، موضحًا أنه يتبخر في غضون ثلاث ساعات من تشميس وتعريض المحصول المخزون للهواء والشمس.
لا تفوتك مُشاهدة هذا الفيديو: