صيام شهر رمضان المبارك يساعد بشكل كبيرعلى تحسين صحة الجسم النفسيه والبدنية والتخلص من السموم المتراكمه والخلايا القديمهوالتالفه ، والأهم من ذالك أنه فريضه من الله عز وجل يحرص بها المسلمون علي ابتغاء مرضاة الله ، كما أنه فرصة جيده لتصحيح الكثير من أنماطالحياة الغيرصحية والسلوكيات الغذائيه الخاطئه ، ولكن يخشي الكثيرون من اصرار كبار السن علي الصيام خوفاً من تعرضهم لمضاعافات تؤثرعلي حالتهم الصحيه خاصة بأن الله عز وجل رخّص لهم الإفطار في شهر رمضان مع قضاء ذلك لاحقاً، أو تأدية الكفارة لمن لا يستطيع القضاء. لذالك خُصص هذا المقال لذكر أبرز المعلومات التغذويه والصحيه عن صيام كبار السن في شهر رمضان ، مع بعض النصائح المهمة للحفاظ عليصحة المسنين في رمضان.
هل يٌسمح لكبار السن بصيام رمضان ؟
كبر السن في حد ذاته ليس مرضاً، ولكنه مرحلة عمرية طبيعية يحتاج فيها الانسان للأهتمام بصحته بشكل اكبر لأنه يكون أكثر عرضة للإصابةبالأمراض ، ولكن هناك العديد ممن يعتبرهم المجتمع كبار في السن غير انهم يهتمون بحالتهم الصحيه ومستمرون في عطائهم ويراعوا عائلتهم اويذهبون الي عملهم الشاق ، والقاعده العامه ان الصيام مفيد لكل الاعمار الا في حالات مرضية معينه ،فليس شرطاً أن كل مُسن يصبح الصيامضاراً به، لذالك الاجابه علي السؤال متروكه للشخص نفسه وتقيم الطبيب المختص لحالته الصحيه وعلي الأغلب يُسمح للمسن بالصيام اذا كان لايُعاني من أي مرض مزمن أو ما يستدعي لتناول أدوية تمنع الصيام، وأيضا لمن يستطيعون الصيام دون تعب أو تعريض صحتهم لخطر.
متي يجب كسر الصيام لكبار السن ؟
في حالة الشعور بأي عرض صحي طارئ اومضاعافات مثل الإعياء ،الدوخة ، الجفاف، النهجان الشديد، ارتفاع حرارة الجسم،زيادة سرعة ضرباتالقلب ، هبوط الضغط أوالسكر بشكل حاد أو ملحوظ فيجب كسر الصيام مع مراجعة الطبيب المعالج لتشخيص الحاله.
التغيرات الحيويه التي تحدث لكبار السن أثناء الصيام
الانقطاع عن الاكل والشرب لعدد من الساعات مع تناوله الطعام بكميات اقل من المعتاد يؤدي الي فرصة الاصابه بسوء التغذيه وانخفاض مستويالطاقه في الجسم ،ولذلك يوصى خلال فترة الصيام بضرورة مراقبة تغذية كبار السن والحرص علي توفير وجبات متكاملة العناصر الغذائيه منالكربوهيدرات والبروتين والدهون والفيتامينات والمعادن ومصادر لمضادات الاكسده. وسنتحدث عن بعض التغيرات الحيويه التي تحدث لكبارالسن أثناء الصيام :
تأثير الصيام علي الصحه النفسيه لكبار السن
تشير العديد من الدراسات الي أن المسنين الصائمين افضل في الصحه النفسيه والعقليه من غير الصائمين ، حيث يساعد الصيام في الاستقرارالنفسي وزيادة التركيز وتقوية الذاكره نتيجه لزيادة تدفق الدم المحمل بالأكسجين الي المخ مما يزيد من إفراز هرمون الدوبامين المسئول عنالشعور بالاسترخاء والسعاده ، وينصح به المتخصصين في علاج الادمان لانه يساعد في إفراز هرمون الإندروفين الذي يساهم بشكل كبير فيالسيطرة على أعراض الإكتئاب والادمان ، وايضا يساعد الصيام علي التحكم في الثبات الانفعالي وقت الغضب حيث يقلل من إفراز هرمونالكوريتزول، الذي يعرض الانسان للتقلبات المزاجيه، كما انه فرصه للبعد عن العزله حيث يقترن بالتواصل الاجتماعي وخاصة في تجمعات الافطاروالسحور، مما يجعل من الصيام فرصة لتحسين الحاله النفسيه وللتخلي عن بعض العادات السيئه مثل التدخين والادمان والسيطرة علي الغضبوتغيير الحياه للأفضل.
تأثير الصيام علي الصحه البدنيه لكبار السن
للصيام تأثر جيد علي الصحه العامه وخاصة لكبار السن فهو فرصه جيده لضبط الوزن والتحكم في كمية السعرات الحراريه التي يتناولهاالشخص ، كما أنه يخلّص الجسم من المواد السامة، ويساهم في تعزيز صحة الكبد الدهني، والوقاية من الالتهابات، ورفع جهاز المناعه وتقليلاحتمالات الاصابه بأمراض المناعه والسرطان ،وتحسن حالات الالتهابات مثل التهاب المفاصل والصدفيه وخصوصاً عند الأشخاص الذين يتبعوننمط حياة صحي وغذائي في رمضان ويلتزمون بتعليمات الطبيب المختص، غير انه له بعض التاثيرات السلبيه مثل ضعف حاسة التذوق ونقصالاحساس بالطعم والنكهه وتقليل الشهيه وأيضاً يؤدي الي نقص في عمليات التمثيل الغذائي وقلة النشاط العضلي وضعف في سرعة الاستجابهللمؤثرات العصبيه وخاصة مع تقدم السن ، ولذالك يجب الاهتمام بالنظام الغذائي للصائم المسن علي حسب حالته الصحيه ،حيث أن عدم اتباعنظام غذائى جيد أثناء رمضان سيؤدى إلى اضطرابات الجهاز الهضمى مثل ارتجاع المرىء ، وعسر الهضم، كما يفضل عدم الافراط في تناولالمشروبات الغازية لأن الافراط بها يؤدي للإصابة بالانتفاخ ، تجنب مرضي الضغط لشرب العرقسوس لأنه سبب أساسي في ارتفاع ضغط الدم ،والإفراط في تناول ملح الطعام والمخللات يمكن أن يتسبب في ارتفاع ضغط الدم ، وكذلك الكافيين له تأثير مدر للبول مما قد يؤدى إلى الإصابةبالجفاف، والإكثار من الأطعمة الغنية بالدهون تزيد من الشعور بالخمول، لأنها تستغرق وقتاً أطول للهضم مما يتسبب فى اضطراب المعدةويؤدى إلى الشعور بالغثيان، كما أن هناك حالات من مرضي الكبد مثل مرضي التهاب الكبد وتليفه لا يحق لهم الصيام الا بعد التنسيق معالطبيب ومعرفة المحاذير الصحيه في العلاج والغذاء مثل عدم تناول الملح والمخللات والاجبان والاكلات المحفوظه ومشروب العرق سوس، كما أنهناك محاذير علي صيام مرضي الكلي حيث ينصح مريض الكلي بعدم تناول اللحوم والاطعمه المصنعه والفول والعدس والفواكهه المجففه والمياهالغازيه والاطعمه التي تحتوي علي البوتاسيوم والصودا، لأن الكلي تحتاج الي عمل اضافي عند تناول هذه الاطعمه وبالتالي ستتاثر بالسلبوتقل كفائتها وتدهور حالتها الصحيه.
تغذية كبار السن في رمضان
النظام الغذائي لكبار السن وخاصة الذين يصومون في رمضان يجب أن يكون غنياً بالبروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية ومضاداتالاكسده ومعتدل في النشويات والكربوهيدرات وقليل الدهون وذالك للحفاظ على مستوى مناسب من السعرات الحرارية ولذلك توصي منظمةالصحة العالمية بمعدل 1800 سعر حراري/ يوم للسيدة المسنة و 2200 سعر حراري/ يوم للرجل المسن. وسنذكر بعض الإرشادات التي ينصحباتباعها عند إعداد الغذاء لكبار السن في رمضان :
• يوصى بأن يكون إفطار المسن متوازناً وغنياً بالبروتينات مثل اللحوم والأسماك والبيض واللبن ومشتقاته.
• توفير الأطعمة الغنية بالفيتامينات والمعادن ومضادات الاكسده مثل الخضروات والفاكهه لتكون جزءاً أساسياً في جميع الوجبات الرمضانيةوعدم التنازل عنها، لأنها غنية بالألياف الغذائية التي تسهل عملية الهضم، ولتفادي الإمساك خاصة بعد فترة صيام طويلة.
• ينصح بتناول 2-3 لتر من السوائل يومياً للمحافظة على سلامة الكليتين ويمكن توزيعها خلال الفتره من الصيام والسحور لتعويضالجفاف الذي حدث للجسم اثناء فترة الصيام.
• توفير وجبات خفيفة موزعة على 3 وجبات رئيسية، هي: الإفطار ووجبة بعد مرور ساعتين والسحور لضمان تزويد الجسم بالسعراتالحرارية التي يحتاجها.
• عدم الإكثار من البقوليات الجافة لتجنب إصابتهم بعسر الهضم.
• مراعاة وضع برامج غذائية وحميات خاصة لكبار السن المصابين بأمراض معينة مثل مرضى السكري وارتفاع الضغط والكوليسترول ومرضيالكلي والكبد كما ذكر سابقاً .
• تقديم الطعام اللين لضمان سهولة المضغ والبلع من خلال سلق الطعام أو طحنه أو تقطيعه إلى أجزاء صغيرة مراعاةً لضعف بنية الأسنان.
• الحرص على توفير الأطعمة الغنية بالحديد كالعدس والسمك وكبد الدجاج والبنجر وفيتامين ب 12 كسمك التونه والبيض واللحوم.
• الامتناع عن شرب القهوة والشاي والعصائر وخاصة في ساعات المساء المتاخرة لانها مدرة للبول لتجنب الجفاف واضطراب النوم الناجم عنالاستيقاظ المتكرر للتبول.
• لابد أن يحتوي السحور علي بروتين مثل الجبن والبيض والبقوليات ،وتناول الزبادي للمساعده في عملية الهضم وتجنب الاصابة بالامساك،وزيادة اكل الخضروات التي تساعد علي الاحتفاظ بالماء وتقلل من الاحساس بالعطش مثل الخيار والخس وتجنب اكل المخللات والحلوياتوالمربات .
• يمكن اعتبار شهر رمضان فرصه لتغير العادات الغذائيه الخاطئه لكبار السن والتي يمكن ان تتسبب لهم في اضرار صحيه مثل استبدالالعصائر المصنعه والمياه الغازيه بالعصائر الطبيعيه واستبدال الحلويات الشرقيه التي تحتوي علي نسبة عاليه من الدهون والسكريات بالفاكههاو استبدال الحلويات الشرقيه بأصناف حلوي خفيفه يدخل فيها الالبان مثل الارز بلبن والكاسترد والبودنج وتزينيها بالمكسرات لرفع قيمتهاالغذائية.
• الأمنتاع عن تناول المشروبات الشعبيه المنتشره في الاسواق وخاصة في شهر رمضان ،حيث أنها تحتوي علي نسبة مرتفعه من السكرياتوالالوان الصناعيه ومحسنات الطعم والرائحه الغير صحيه .
• المحافظة على تناول وجبات عائلية جماعية، إذ أن للعوامل الاجتماعية تأثير مباشر على مستوى التغذية لدى المسنين.
ونؤكد أن يُنسق كل صائم مع الطبيب المختص له وأن يمتثل كل مريض لم يسمح له الطبيب بالصيام لتعليمات الطبيب حفاظاً على صحته،وضرورة الالتزام بمواعيد الادويه أثناء فترة الأفطار والسحور ، ومتابعة الحاله الصحيه بشكل مستمر خاصة الضغط والسكر طوال شهر رمضان ،وقطع الصيام في حالة الشعور بالتعب والاعياء او هبوط في السكر فيتناول غذاء سكري مع شرب كميه كبيره من الماء لحين مراجعة الطبيب ،شفى الله كل مريض وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال وكل عام وأنتم بخير.
إعداد
دكتورة هبـة عاطف صالح
باحث بمعهد بحوث تكنولوجيا الأغذية